ناصر الظاهري
من العادات السنوية الجميلة التي يحرص الغرب على تقديمها للناس لتحفيزهم على القراءة والمطالعة والمتابعة القوائم التي تنشرها كبريات الصحف والمجلات المتخصصة، بالتعاون مع دور النشر، كما تفعل مجلة «لير» الفرنسية، فيما يخص الكتب الصادرة بالفرنسية خلال عام أو المترجمة لها، فظاهرة الكتب الأكثر مبيعاً، «Best Seller» ظاهرة صحية في أساسها، وإن كانت أحياناً لا تخضع لمقاييس نقدية، وتخدمها الظروف المصاحبة، إلا أنها غدت اليوم بورصة الكتب الحقيقية التي يمكن أن ترفع كتاباً وكاتباً، ويمكن أن تضرب كتاباً آخر ويبور سوقه، ومثلما هو في فرنسا هناك قوائم للكتب بالإسبانية، وغيرها من اللغات، ما عدا العربية المسكينة بأهلها!
لكن العادة الجميلة التي تتبعها جريدة نيويورك تايمز، وملحقها الثقافي «Sunday Book Review» تعد الأكثر شهرة وصدقية، حيث تبدأ بإعلان عن قائمة أفضل مائة كتاب صادر باللغة الإنجليزية أو مترجم لها، ثم فيما بعد يقوم المحررون في الملحق باختيار أفضل عشرة كتب منها، خمسة كتب أدبية «Fiction»، وخمسة كتب غير أدبية ومنوعة «Nonfiction»، وهو تقليد قائم منذ الأربعينيات، ظلت تتصارع عليه دور النشر العالمية، ليكسب كتابها صفة أفضل الكتب مبيعاً، وهذا لا يتحقق إلا من خلال أرقام واضحة، ومتابعة شفافة لأرقام المبيعات، والتي عادة ما تزيد حتى على المائة مليون نسخة، إضافة لمسابقات أفضل كتب الأطفال بأعمار مختلفة، وغيرها، حيث يصنف الكتاب حسب نوعية الغلاف، غلاف فني «hardcover» أو غلاف عادي «paperback»، وهو نوع من التحايل التجاري، تسعى له دور النشر من أجل الإكثار من قوائم الكتب الأكثر مبيعاً، أما أرقام النسخ المبيعة، فتختلف من بلد إلى بلد، ومن جوهر ونوعية الكتاب، فلا يمكن مقارنة كتاب في الفيزياء أو في الطاقة المائية بكتاب خيالي، مثل «هاري بوتر»، ففي إنجلترا يعد الكتاب الأكثر مبيعاً هو الذي يتعدى 4 آلاف نسخة إلى 25 ألف نسخة أسبوعياً، وفي بلدان أخرى لا يشترط بيع أكثر من 5 آلاف نسخة أسبوعياً، وعادة ما تكون هذه الكتب الأكثر مبيعاً هي المرشحة لنيل الجوائز السنوية، كما أنها في الغالب هي مشاريع لأفلام قادمة، حيث تساهم صناعة السينما في دعم الكتاب وترويجه وشهرة كاتبه، وهناك برامج تلفزيونية تناقش أسبوعياً كتاباً، أما عندنا فنزار قباني لا يبيع ديوانه إلا عشرة آلاف نسخة، أما نجيب محفوظ، فحدوده خمسة آلاف نسخة، أما صحفنا وتلفزيوناتنا العربية، ودورها الثقافي، فغائبة ومغيبة!