ناصر الظاهري
هكذا يجب أن تكون تسمية مصابينا من أبناء الوطن، والذين يقضون نحبهم، ومنهم من ينتظر، وما بدّلوا تبديلاً، هم حماة الوطن، وحرّاسه، وسفراؤه، يتواجدون حيث ينبغي تلبية صوت النداء، وحيث يكون الواجب أمانة، رفض حملها الكثير، وتصدى لها القليل من المخلصين، نصرة لإخوانهم، ومحافظة على كيان أوطانهم، ومنع الشرور أن تقضي عليهم، وعلى حضارتهم التي نتشارك جميعها في منابت عروقها القديمة، هؤلاء أبناء الإمارات، أبناء اليمن، حيث الدم، الدم، واللُحمة، اللُحمة، لا نفرق، ولا نفترق، إلا من أجل خير الناس، وصحة الأوطان، وهو عهد لا ينتقض قطعه أبناء الإمارات للمؤسس زايد الخير، وللقائد خليفة المقدام، وللأخوين محمد الوعد، ومحمد العهد، عهداً التزموه للوطن، التزام العقد بالنحر.
شهداؤنا.. وهم حق يجب أن نماري بهم، ونفخر، وإن بكتهم العين، فهم أكبر، وفي مكان أرحب، فالأوطان لها ضريبة، ومتطلبات الأوطان اختبار، وما يقدم من أجل ذلك أثمان للأجيال، وما تسطر كتب التاريخ، وما تتناقله الصدور عن معنى التضحية، ومعنى الواجب، ولزوم الشرف، لقد صاغ هؤلاء الشهداء من دمائهم الطاهرة، أنشودة من غار، وتاج من ظفر، فهم لم يمروا على ديار يمنهم، مرور تاجر جاء في رحلة الشتاء والصيف، فقد كانوا على سفر، وعيون باتت ساهرة على ثغر، ولم يمكثوا في يمنهم مكوث القاعد على جمر، ليحثوا التراب، ويحوثوا خلل الرماد وميض نار، ليشعلوها بين الأخوة، وينزعوا بينهم البأس، هم القاعدة والأساس، وهم الحرث والنسل، وما أقاموا إلا ليقيموا العدل، ويمنعوا الفتنة، ويطفئوا شرر حرب أهلية، هي لوّاحة للبشر، وهي لا تبقي، ولا تذر.
سيتذكر الناس هنا في الإمارات، وهناك في اليمن أن خير الناس مروا وهم يحملون شيئاً من الطمأنينة، وكثيراً من الأمن، وفي أيديهم الخير العميم، وأن أسماءهم سيحفظها الأطفال، وسترددها صدور الأمهات، وسيتعمم بها الرجال.
شهداؤنا.. أبناء الإمارات، أبناء اليمن، ولا نفرّق، شهداؤنا.. أبناؤنا، أبناء الخليج، ولا نميز، هم منا، وعنا، فخرنا، وسندنا، لا أم واحدة للشهيد، فكل الأمهات، وكل الإمارات، الحضن والصدر والدفء، وغزير الدمع، ولحظ انتظار الغائب أن يدّق الباب، لا أب واحد للشهيد، فكل الإمارات، وكل الناس آباء للشهيد، وكلهم ذاك الشعور المغمور بالشجاعة، وبما عمل، كلهم رؤوس عالية، لا تطالها الرؤوس، تضيق صدورهم للغياب، لكنها أرحب بالفخر، وأوسع بالكبرياء، وأهدأ بما بُشر به الشهيد، وما يخلف من ذِكر، وما يتغنى بعده من قصيد.