شعراء الإنسانية 2

شعراء الإنسانية -2-

شعراء الإنسانية -2-

 صوت الإمارات -

شعراء الإنسانية 2

ناصر الظاهري

ظل عنترة والمتنبي رقمين صعبين في التاريخ الإنساني، وفي رؤوس الناس، وقلوبهم، رغم فنائهم، لكن شخصيات حيّة مثل عنترة والمتنبي، يجب ألا يعيشا طويلاً، ودهراً مديداً، لكيلا تهزمهما الشيخوخة، وتظل شخصياتهما تتهاوى كل يوم في عيون الناس، نتيجة ضريبة الهرم والكبر والخرف، لذا كانت نهايتهما أسطورية، وتتناسب مع حجم الحياة التي خاضا غمارها، وجبروت معيشتها، وجلدهما فيها، فعنترة تصيده رام أعمى، كان يسير على دبيب الصوت، ويميز وقع القدم من وقع الحافر، خَتّ له زمناً، وتبعه وقتاً حتى لبد له مرة ليلاً، فسمعه خارجاً من الحي وحده، فسار خلفه، وحين توقف عنترة، خَتَلّ له وراء رمثة بريّة، فأيقن أنه توقف ليقضي حاجته، ويهرق الماء، فتحين له وقتاً، وحين سمع شخيب مائه على الأرض في ذلك الليل الساكن البهيم، رماه بسهم مسموم لم يخطئه، فأصابه في مثانته، وكان مقتله الذي بقي يصارعه أياماً، حتى أنه يقال ظل جالساً متكئاً على رمحه، منتظراً موته، يسمع حمحمة حصانه الأبجر، فصدف أن قوماً أرادوا غزو بني عبس، فلما وصلوا ورأوا عنترة من بعيد غارزاً رمحه في الأرض، أصابهم الهلع، ورجعوا، فقالت العرب: حميت قومك حياً وميتاً، ويقال: إن قاتل عنترة هو وزر بن جابر الملقب بالأسد الرهيص النبهاني، أما المتنبي، فكانت موتته أيضاً ملحمية، وذلك حين علم خال ضبّة فاتك بن جهل الأسدي، بما فعلت قصيدة المتنبي حين هجا أخته، وابنها ضبّة بتلك القصيدة التي كان المتنبي يكرهها وتمنى لو أنه ما قالها:

ما أنصف القوم ضبّة وأمه الدردحبّة
أقسم أنه لقاتل المتنبي لا محالة، فتصيده، وهو راجع من مدينة شيراز في طريقه إلى بغداد، وكان محملاً بالهدايا والطيب، والحرير، والكتب الثمينة، والخلع النفيسة، وحينما اقترب من منطقة تسمى دير العاقول خرج عليه فاتك مباغتة، ومعه جماعته، وهاجموا المتنبي ومن معه، ويقال: إن المتنبي حاول الهرب، لما أحس بالهزيمة، فذكّره غلامه مفلح بقصيدته:

الخيل والليل والبيداء تعرفني ... والسيف والرمح والقرطاس والقلم

فقال المتنبي: قتلتني، قبل أن يقتلني القوم! فعاد أبو الطيب فقاتل حتى قتل، وقتل معه ولده محمد، وكثير من جماعته، ونهبت أمواله، لعلهما نهايتان تليقان بتلك الشخصيتين اللتين بقيتا على مر الزمان تذكران: عنترة كان أول الفرسان المتصدين، لكنه كان يَعفّ عند المغنم، والمتنبي كان مالئاً الدنيا، وشاغلاً الناس، وصدق الشاعر: الناس صنفان: موتى في حياتهم، وآخرون ببطن الأرض أحياء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شعراء الإنسانية 2 شعراء الإنسانية 2



GMT 04:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 04:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 04:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

GMT 04:57 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 04:56 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أوكرانيا...اليوم التالي بعد الألف

GMT 04:56 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث نساء العالم ضحايا عنف

GMT 04:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

GMT 04:54 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 13:17 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك ظروف جيدة خلال هذا الشهر

GMT 18:02 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

برابوس تكشف عن "مرسيدس E63 AMG" بقوة 789 حصان

GMT 00:59 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حبوب البن تقي الجسم من أمراض كثيرة

GMT 15:06 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

طُرق بسيطة بشأن تحويل حديقة صغيرة إلى أخرى مُميَّزة

GMT 09:16 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

مطاعم مراكش بديكوراتها الجديدة تستضيف العام الجديد 2016

GMT 10:48 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حاكم الشارقة يفتتح أعمال "الاتحاد العربي للنقل الجوي"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates