خيانة النص 2

خيانة النص (2)

خيانة النص (2)

 صوت الإمارات -

خيانة النص 2

ناصر الظاهري

دأبت معامل الترجمة في السينما العربية، ومنذ فترة طويلة على ممارسة الدور الرقابي المبهم، وغير الواعي إلى حد استغباء المشاهد في العبث بالترجمة، وعدم احترام النص، فإن كنا رضينا مجبرين بأن يكون هؤلاء المترجمون مثل «الفلتر» والمرشح، لكي يطمسوا عنا أموراً أخلاقية، وكأن المشاهد العربي دون 18 عاماً، لكنهم اليوم يستعملون مقصاً طويلاً، وغائراً لكي يلغوا عقل المشاهد، خاصة فيما يخص اليهود، ويمس عاداتهم وثقافتهم في المشهد السينمائي، وهنا أسترجع ما أتذكره من تصرفاتهم الكثيرة، باستعداء، وقصد، وجهل، واستغباء:

أم أميركية «ميريل ستريب» الجميلة، تنصح ابنها المراهق من باب المزاح المبطن «أرجو أن لا تكون صديقتك يهودية»، فيتبرع المترجم ويمسخ نص الحديث، ويحوله إلى: «أرجو أن لا تكون صديقتك جريئة، وحادة الطبع».
«الـ باتشينو» يتقمص دور مقامر ومغامر يهودي، ورجل أعمال منتفع، فيخلّص الفيلم، ولا يذكر المترجم العربي كلمة تخص اليهود، لا من قريب ولا من بعيد. و«فريمان» يتمنى لصديقه «جاك نيكلسون» حين الوفاة أن يدفن على الطريقة اليهودية، فيجتهد المترجم العربي، ويحوّر نص الحديث إلى أمنية بجنازة عظيمة تليق بالمتوفى وأعماله الجليلة.

النكت الساخرة على الشخصية اليهودية التي تعتمد على كوميديا الموقف، لا يلتفت لها المترجم العربي، وكأن لا أحد من الممثلين ضحك، ولا ضجت القاعة السينمائية بالقهقهات، وكأن المشاهد العربي لا يعرف «إنجليزي».

مصيبة المصائب حين يصادف المترجم العربي شخصية يهودية وشاذة، فتجده يحاول أن يدافع عنها وعن سلوكها، ويتمنى لها التوبة النصوح، محاولاً أن ينتهي الفيلم دون مشاكل. إذا كان الفيلم أميركياً، والسخرية خارجة من إنسان المجتمع الأميركي والغربي ضد اليهود، ما دخل أم المترجم العربي الذي يحاول أن يلطف الحالة، متدخلاً بين البصلة أميركا، وقشرتها إسرائيل.

أما إذا كانت الشخصية يهودية وملحدة، ولديها أسئلتها الوجودية الكثيرة، فلا تعرف المترجم العربي المسكين أين سيقف؟ في جانب الرب أو جانب الشيطان. طبعاً كلمة إسرائيل لا تذكر بالباطل في الترجمة العربية، وأرض الميعاد تسمى «العودة إلى الديار» والأرض المقدسة، تستبدل بـ «جنات عدن».

لا نريد أن يظهر مترجم عربي يضع بعد كلمة يهودي، لعنه الله، ولا بعد كلمة إسرائيل، لا أقامها الله، ولكن أيضاً لا نريد أن يستغبي المشاهد العربي من جانب مترجم يمكن أن نقول عنه «خبيث» وأن يده محناة بورق بنكي، لا نعرف مصدره، وكم مقداره!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خيانة النص 2 خيانة النص 2



GMT 04:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 04:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 04:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

GMT 04:57 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 04:56 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أوكرانيا...اليوم التالي بعد الألف

GMT 04:56 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث نساء العالم ضحايا عنف

GMT 04:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

GMT 04:54 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 18:01 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 19:17 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 18:37 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 18:54 2019 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

حلم السفر والدراسة يسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 09:09 2015 السبت ,25 إبريل / نيسان

"سوني" تكشف عن مميزات هاتفها "إكسبريا زي 4"

GMT 23:38 2013 الثلاثاء ,09 تموز / يوليو

تباين أسعار خدمات المطاعم خلال رمضان

GMT 11:24 2019 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على أجمل الوجهات السياحية في شتاء 2020
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates