ناصر الظاهري
أوكلت مهام الحراسة للمباني العامة، والسكنية والمتاجر الكبيرة لشركات الأمن الخاصة العاملة في هذا المجال، ولا غضاضة في ذلك، حيث إن العديد من الدول المتقدمة طبقت هذا النظام من قبل، والتي استطاعت أن تثبت نجاحها باستخدامها أحدث المعدات والوسائل، وباعتمادها على أفراد مؤهلين ومدربين تدريباً متقدماً في أعمال الحراسة والمراقبة، والإنقاذ، وطرق الإسعافات الأولية، لكن هنالك فارقا كبيرا بين هذه الشركات هناك، والعاملة هنا، من حيث إمكاناتها المادية والبشرية، مما يجعلها غير قادرة على القيام بمسؤوليتها على النحو المطلوب، لأنها غير مؤهلة، ولا معدة الإعداد الصحيح، سواء من الناحية البشرية أو امتلاك الأجهزة والمعدات الحديثة، وهذا مرده إلى التركيز على تحقيق الأرباح المادية، من دون النظر لنوعية الخدمة التي تقدمها للمجتمع، ومن دون تخصيص أية أموال من أرباحها لشراء المعدات والأجهزة وتدريب العاملين فيها، وتطبيق الاحترافية في العمل.
والأمر الآخر يعود إلى عشوائية اختيار العاملين، فعادة تعمل شركات الأمن على اختيار أفرادها من بين صفوف أولئك الذين يبحثون عن الإقامة، وضرورة العمل، والمجبورين لضيق الفرص، وطوابير البطالة، فتنتهز هذه الشركات الظروف، وتقوم باختيار أفرادها من بين هؤلاء الذين يبحثون عن طوق النجاة، وبشروط قاسية، وبعد اختبارات لا يسأل فيها المتقدم عن مؤهلاته أو خبراته، ويكتفى فقط بمعرفته لبعض الكلمات بالإنجليزية.
إن الجريمة تتطور بتطور المجتمع، ولذلك تعمل الجهات المسؤولة، والمهتمون بالأمر المتخصصون في هذا المجال بوضع الخطط والسياسات وابتكار الوسائل والأساليب الجديدة لمواكبة هذا التطور لحماية المجتمع، ومن واجب هذه الشركات متابعة ذلك وتدريب أفرادها بواسطة الخبراء في هذا المجال للمصلحة العامة، فلا يعقل أن نجد أغلب أفرادها لا يعلمون كيفية استخدام أبسط معدات الإطفاء، بل ولا يعلمون حتى أرقام الهواتف المهمة بالدولة أو الطوارئ، وبعضهم لا يقرأ ولا يكتب، وشركاتنا غير حريصة على تدريب وتأهيل أفرادها لإكسابهم الحس الأمني من أجل حماية الأرواح والممتلكات. كما يشترط في شاغلي هذه الوظيفة الأمانة والاستقامة، وألا يكونوا من الذين أدينوا في جرائم جنائية ولا يمكن التحقق من ذلك إلا بعد إحضار شهادات من جهات الاختصاص تفيد بذلك، مثلما أن العمل في هذا المجال يحتاج لأشخاص أصحاء ذوي لياقة بدنية عالية، قادرين على العمل في كل الظروف، ومجابهة الأخطار لإنقاذ الأرواح والممتلكات، ولا يمكن التحقق من ذلك إلا بعد إجراء الفحوص الطبية، والتدريب الجسدي والنفسي، «ترا.. السيكورتي، مب يونيفورم، وويلس» وبس!