تذكرة وحقيبة سفر

تذكرة.. وحقيبة سفر

تذكرة.. وحقيبة سفر

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر

ناصر الظاهري

من الرحلات التي لا تُنسى، ولن يصبك السأم أو الندم، خاصة إن كان هدفك نشدان النسيان، وجلب الفرح لقلبك المثقل، رحلة متوسطية للجزر الإسبانية الراقصات: ميوركا، منوركا، إيبيثا، فورمينتيرا، وفورمينتيرا، والتي تعرف بجزر «البليار»، قد لا تعود لها ثانية، لأنها من الأماكن التي تعطيك جمالها دفعة واحدة، وتودعك، وقد تأتيها كبحّار ضل طريقه، وكان قريباً، وكان هناك ما يستدعيه ليضع رأسه ويستريح، وكشأن الجزر حين تدخلها تشعر بالفرح والطمأنينة، هرباً من الريح والموج، وما يخبئه الأزرق للناس، تشعر أنك قد تبني بيتاً من قش أو تتخذ لك من صخورها كهفاً، فجأة يحضر الاستقرار، ومشهد الأطفال، وأن تخرج ما خبأته من أموال من أسفارك الطويلة، غير أن لهذه الجزر ترحابا آخر، هي حيّة بالناس المتقاطرين عليها من بحار العالم، جالبين معهم ضجيجهم، وضحكاتهم، وشهواتهم، وإغواءاتهم، وساحرة بأماكنها، وتلك الألفة التي تطرحها عليك، فلا تجد نفسك غريباً منذ اللحظة الأولى.

كانت تسمى جزر «جيمنسي» (Islas Gimnesias)‏ عند اليونان، وتعني العاري أو الجزر الجرداء، لأن سكانها كان في الغالب عراة، كما هم الآن في صيفها، نظراً للمناخ المعتدل بها، غير أن البعض يرجع التسمية للفنيقية نظراً لطبيعة سكانها الماهرين بالرمي بالسهام، أطلق عليها العرب الجزائر الشرقية، تبلغ مساحتها حوالي خمسة آلاف كم مربع، وسكانها قرابة المليون ومئتي نسمة، لكن الغرباء هم من يعطونها تلك الروح والمشاغبة واختلاط ليلها بنهارها، تجد فيها المسافر الأجرد، إلا من حقيبة منامه على ظهره، ويسكن حدائقها، يفترش أرضها، ويتغطى بسمائها، وتجد الغني الفاحش التي يلتهم طاولاتها الخضراء بالأوراق المالية، وطاولات طعامها المشتهى، إيبيثا أو إيبيزا تكاد تكون لهؤلاء المشاهير الراسية فنادقهم المتحركة، يصعب عليك التمييز فيها بين تاجر سلاح أو مهرب مخدرات أو سليل نعمة متوارثة عبر أجيال من الإقطاع، وحده الليل قد يجمع الجميع، ويسود ذاك الود المسكر لساعات قبل أن يصحو الكل على نهار له عيون.

تمضي ساعات الأيام في هذه الجزر بسرعة، تتناوب على وقتها المطاعم الفاخرة والتي تقدم خزائن البحار من ثمار، بعضها يمشي على عشر، وبعضها يترجرج، وبعضها الآخر رخو، وأشياء يجفل منها شخص مثلي، يفضل الأكل المعروف، ولا يغامر خاصة في وجبة العشاء بأي مقترح، ولو حلف ذلك الـ»شيف» على شاربه، وقبعته أنها وجبة ملوكية، وتزيد من عافية الرجال، غير أن هناك مشكلة كثرة الملح عند الإسبان، ولا أحد يجيبك عن السبب، لذا لا تستغرب إن سمى العرب مدينة «مالقا»، والتي تعني الملح، غير أن السبب لابد وأن يكون جوعاً تاريخياً أو أنه بذخ من كثرة وجود الملاحات في كل مكان، يا لها من رحلة سكّنت النفس!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر تذكرة وحقيبة سفر



GMT 06:14 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 06:12 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 06:11 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 06:11 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:09 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:09 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:08 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:07 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

GMT 18:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 صوت الإمارات - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 01:44 2018 السبت ,29 كانون الأول / ديسمبر

جيمي أيوفي يستمتع مع أسرته في "أتلانتس دبي"

GMT 10:11 2012 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الطاقة الإثيوبي: في طريقنا لاستكمال مشروع سد النهضة في 2015

GMT 19:07 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

اسباب تضخم الكبد وطرق العلاج

GMT 18:36 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

صفّ السيارات يتسبب في مشاجرة بالضرب بين رجل وفتاة في تكساس

GMT 20:58 2013 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

أول اجتماع لرئيس التليفزيون لبحث تطوير القنوات المصرية

GMT 06:43 2015 الجمعة ,19 حزيران / يونيو

الطقس في الإمارات الجمعة مغبرًا جزئيًا

GMT 01:51 2016 الثلاثاء ,29 آذار/ مارس

افضل التصاميم البارزة لأحذية ربيع 2016

GMT 11:53 2013 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام مسابقة الخطابة باللغة العربية للجامعات الصينية

GMT 22:33 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

إطلالة مثيرة للموديل هايدي كلوم في حفل "أمفار"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates