ناصر الظاهري
- رغم أن عيادات أطباء الأسنان أصبحت مثل معارض السيارات، تبرق وتلق، إلا أن شيئاً واحداً، وقديماً، ظل يسحبه أطباء الأسنان معهم من عيادة إلى عيادة، تلك الآلة المزمجرة، حفّارة الألم، وجالبة التوتر، وزائرة الأحلام المروّعة!
- لا أعرف لم يغلب على عيادات أطباء الأسنان اللون الأبيض؟ هل هي من متطلبات المهنة، والسعي للون المثالي الذي ينادون به، ويبتغون الوصول إليه مع زبائنهم؟ أم هو تعبير حقيقي عن لون وشعار عيادات الأسنان الناصعة.
- لا أعرف لمن يلجأ طبيب الأسنان إذا ما أوجعته سنّه؟ وإذا ما انبرى له زميل، هل يثق فيه تمام الثقة؟ وإلا يصبح مثلنا يبحث عن طبيب أسنان يقرّ له بالتفوق، وكثر المران، والخبرة، والسمعة المهنية، وإن قبل بعلاج طبيب، وأشك أنه يقبل بعلاج طبيبة، هل يسلم الطبيب المُعالِج من نصائح وإرشادات وتعليمات الطبيب المُعَالج.
- من أصعب الأمور أن تطلب من شخص يتألم من وجع سنّه مطلباً، والأسوأ أن تسأله سلفاً في تلك اللحظة التي يرى فيها نجوم السماء ظهراً، ثق أنه لو كان قادراً حينها لمزقك بأسنانه الباقية، وعنده حق.
- كرسي طبيب الأسنان يختزل تاريخ هذه المهنة، فمن كرسي يشبه كرسي الحلاق في القرى النائية إلى كرسي يشبه مقاعد اليخوت السابحة أو كراسي الطائرات في المقصورات الملكية، أو أسرة «المساجات» في منتجعات الشرق الأقصى، وبالرغم من ذلك لا يوحي لك أنه سيمنحك شعوراً بالارتياح، ويشعرك من أول وهلة بأنك غريب، وأنك لا يمكن أن تجلس على بيصك أكثر من نصف ساعة، وتتمناها أن تقصر، وتتمنى الحكيم أن يعجل.
- من الأشياء المحلية والتعبيرات الدارجة عندنا قديماً، أن لم يحبك أحد، أو سمعك تعلّي من صوتك أمامه، دعا عليك بكلمة جامعة، لاطمة، جازمة، حازمة، كلمة واحدة لازمة: و«ضرس»! لكن لا تستهينون بها، فإن كان بارّاً، وصدقت دعوته، فلك الويل والعويل، ومجريات الدمع الثقيل.
- بصراحة.. الناس أول أقوياء، مجالدين، ولو أطلقت على الواحد منهم فحلاً أو هزبراً أو صخراً، أو القعقاع، فلن تبالغ، ولن تظلم نفسك، فمثل ذلك لم يعرف «البنج»، ومثله كان يتحمل ثقل رجل الحجام على كتفه، ويأمره أن يسحب، ويخلع بخيطه السن من أمهات عروقها، وتقول: هل تدمع له عين أو يرفّ له جفن؟
- هل سمعتم مرة طبيب الأسنان يقول: آه..؟