بيننا ولا نميزهم

بيننا ولا نميزهم

بيننا ولا نميزهم

 صوت الإمارات -

بيننا ولا نميزهم

ناصر الظاهري

لم نكن نعرف، ولا كنا نريد أن نعرف أن «عمار السنجري» ليس من الإمارات، وليس من العين بالذات، فقد كنا صغاراً، و«عمّار» بيننا، ووسطنا، ومن حولنا، كبرنا، وكبرت المدينة، واختلفت طرق حياتنا، وأخذ كل واحد منا زاويته، واتبع نهجه، وقد تسمح لنا الأيام باللقاء، وقد تباعد بيننا، كانت فرصة اللقاء بـ«عمار السنجري» مرة أخرى بعد المدرسة، في الجامعة، ومن ثم في العمل معاً خلال ترأسي لبعض المطبوعات، وخاصة ما يتصل بها بالموروث، والتأصيل، والتأريخ، للمكان والناس، فقد كان المرحوم «عمار السنجري» أحد الباحثين في التراث والموروث الاجتماعي، وكان من الجادين الذين ينهكون عمرهم بحثاً عن معلومة، وجرياً وراء شخصية في أرذل عمرها، كان يقطع أراضي ومفازات بين المنطقة الغربية وغياثي والوقن، يذهب لأقصى الجزر لكي يضيف لكتاباته بعداً جديداً، وأفقاً رحباً، ويغني أرشيفه الذي بدأت مساحات غرفته تضيق به.

ولأن «عمار السنجري» عاشق لهذه الأرض، ولأهلها، ولأنه تنفس هواءها، وشرب من مائها، وخالط أبناءها، ولم يشعره أحد أنه غريب، أو أنه من غير أهل البيت، طرح نفسه واحداً منا، وذهب بعيداً دون أن يطلب منه أحد، وذهب عميقاً حيث لا يستطيع أحد، من أجل توثيق ما قد ينسى، وتدوين ما قد يفلت من أيدينا، ويغيب في ذاكرة الرماد، كان عملاً أحبه، وقدّسه، لأنه يشعره بالسعادة، ويشعره بأنه يرد شيئاً من الجميل والمعروف الذي لقيه هنا، ومن الجميع، كان قنوعاً، وإن عانده الحظ، وفاعلاً، وإن خانت به منعرجات الحياة، ومواظباً على الخير، والعطاء، دون أن ينتظر الشكر أو تتلاعب به المادة، فقد كان عطاء الباحث، والدارس، والمتتبع، والمتقصي، والمثابر، وهي أمور لا يمكن للحياة أن تنصفك فيها، وفيما تقدم نفسك الحرة، والمبجلة.
كان «عمار السنجري» كلما تراه يفاجئك بأن لديه شيئاً جديداً، وفتحاً قريباً، وشخصيات لو بقيت قليلاً لحثينا، وهلنا عليها التراب، دون أن نتقصى منها شعراً، وقصيداً، وحكايات من سير الأولين، وأخباراً من رحلة المكان والزمان، كان بشوشاً في وجوه الناس، لحوحاً في طلب المعرفة، مواصلاً ليله بنهاره لكي لا تفوته شاردة، ولا يلحق بواردة، كانت الأبواب، وكان قرع يده عليها، لا طلباً، ورجاء منّه، ولكن لأنه أدرى بما يحفظ، وأعلم بما خلف الأبواب والجدران من كنوز ضائعة، تبعثرها أيادٍ بعيدة عن الوعي، وعن المسؤولية، وعن تقدير ما نملك، وقيمة ما نحتفظ.

لك الرحمة.. والطمأنينة.. وخلد الجنان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بيننا ولا نميزهم بيننا ولا نميزهم



GMT 01:10 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

طريق الخسائر والكبائر

GMT 01:09 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

عون رئيساً لاسترداد لبنان

GMT 01:09 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

الدبلوماسية العربية ــ الدولية وجمهورية لبنان الثالثة

GMT 01:08 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

عجائب الزماني... لابن الأصفهاني

GMT 01:07 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

كرة القدم... نقطة تجمع وطني

GMT 01:07 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

«مكرم هارون»... واحدٌ من النبلاء

GMT 01:06 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

الرسائل الإلهية

GMT 01:05 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

الاستمارة

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 15:08 2017 الجمعة ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استعراض واقع القطاعات الخدمية والمشاريع التنموية في طرطوس

GMT 02:16 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

تعرفي على أنواع الشنط وأسمائها

GMT 17:31 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة نجمة البوب الكورية سولي عن عمر ناهز 25 عامًا

GMT 00:04 2019 الخميس ,28 آذار/ مارس

صورة "سيلفي" تحول جسد فتاة إلى أشلاء

GMT 23:37 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فيصل خليل يؤكد أن الجمهور ينتظر بشدة منافسات كأس آسيا

GMT 21:06 2013 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

علماء يختبرون مواد كيميائية تعمل على محو الذكريات

GMT 13:23 2013 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

رواج في حركة بيع العقارات بالعبور
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates