بالأحضان الملغمة

بالأحضان.. الملغمة

بالأحضان.. الملغمة

 صوت الإمارات -

بالأحضان الملغمة

ناصر الظاهري

في السفر تصادف شخصيات قلقة، فتنقل لك العدوى بسرعة، خاصة ونحن نعيش في وقت الانفلات، واختلاط الأمور، والاشتباه عن بُعد، اليوم تجد الناس يناظرون لحقائب بعضهم بعضاً، أكثر من التمعن في الوجوه، ومسرّة المُحيا، أي حزام بارز حول البطن، ولو كان مربوطاً على الطِوى، واتقاء الجوع والإملاق، يعني حزاماً ناسفاً، وأي امرأة منقبة بالسواد، وبقفازات في بلد غير ثلجي، وتتجول متلفتة ذات اليمين، وذات الشمال، يلعب بك الشيطان ثالثكما، ولا ترى فيها إلا أنها مشروع مبكر للموت، بعكس الولادات، ومنح الحياة، رسالة كل أنثى على الدوام، فكيف إن كان الجالس أمامك ممن ليس بالنباتي، وعدواً لبوذا دون أن يعرفه، وليس في جلسته تلك شيء ينم غير عن عدوانية، لا تعرف مصدرها، يهز قدميه حتى تكاد أن تصطك ركبتاه، ولا يعير الناس اهتماماً، تحاول في البداية أن تجد له عذراً، كالمسافر لأول مرة، لكن مثله شغل «باصات»، وتسلق قطارات آخر الليل، ورفيق لسائقي الشاحنات في ضجرهم الأسفلتي، يزداد تلاطم رجليه، وربذتا القدمين تتحركان في خواء عضلي، يشعره بالراحة قليلاً، لكنه يرفع من ضغط الآخرين، تفصد العرق على الجبين دلالة واضحة على أن النوايا ليس خيّرة، وصالحة على الدوام، تحاول أن تسبر الكتابة على جواز سفره الذي يكاد أن يتعرق في يده اليسرى غير الواثقة، لون الجواز البرّاق لا يوحي بثقة مطلقة في البلد التي أصدرته، ويقيناً ليست لها أي علاقة أو شبه تعاون مع «الإنتربول» بأي شكل من الأشكال، وإن أخرج حاسوبه، فستتحرك كل الإشارات الإنذارية التي تكمن في داخلك، باتجاه أن له ارتباطات بمنظمات في الخارج، ولها شبكة محلية ناشطة، وأن تحديد ساعة الصفر قد أزف أوانها، يطيل النظر لتلك الشاشة المعتمة من وهج النهار، فتشعر أنه لا يقرأ سورة تبارك أو قصار السور من جزء عم، فتتململ، وتريد أن تغير مكانك، وتريد أن يشعر كل الركاب بما تشعر به، وتتوجس منه، ويزداد ريبك منه، خاصة حين لا يقدر أن يجلس على «بِيّصه» خمس دقائق كاملة، تلتقي عيونكم فجأة ولثوان، فيعلن التجافي حضوره، تود أن تُبَلّغ عنه في الساعة والحين، لكنك تحسبها، ماذا ستقول: «يكاد المُريب يقول خذوني»، لماذا الشك هو الذي يحركنا الآن؟ لماذا الريبة هي السبّاقة؟ من صنع بنفوسنا هذا؟ لماذا حين نلتقي بالآخر، نتحاشى من أن نأخذه بالأحضان، خوف أن يكون ملغماً، وقابلاً للانشطار!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بالأحضان الملغمة بالأحضان الملغمة



GMT 04:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 04:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 04:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

GMT 04:57 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 04:56 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أوكرانيا...اليوم التالي بعد الألف

GMT 04:56 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث نساء العالم ضحايا عنف

GMT 04:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

GMT 04:54 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 18:01 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 19:17 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 18:37 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 18:54 2019 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

حلم السفر والدراسة يسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 09:09 2015 السبت ,25 إبريل / نيسان

"سوني" تكشف عن مميزات هاتفها "إكسبريا زي 4"

GMT 23:38 2013 الثلاثاء ,09 تموز / يوليو

تباين أسعار خدمات المطاعم خلال رمضان

GMT 11:24 2019 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على أجمل الوجهات السياحية في شتاء 2020
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates