الفدائي المتأنق

الفدائي.. المتأنق

الفدائي.. المتأنق

 صوت الإمارات -

الفدائي المتأنق

ناصر الظاهري

قصته تكاد تتشابه مع قصص مجايليه من النازحين الفلسطينيين الذين تقاسمتهم المدن، غير أنه يكاد ينفرد عنهم بخاصية الحضور المختلف، ولو رأيته مرة واحدة فقط، ثمة طابع يميزه، ويضفي على شخصيته المرحة، وصوته المجلجل بعداً يضمن له حيزاً في الذاكرة، غسان مطر، ورحيله الذي يتشابه مع رحيل الشرير على الشاشة، والذي اختص بهذا الدور طويلاً، حتى كاد أن يحبس نفسه فيه، تلك النهاية الدراماتيكية حينما ظل بين الحياة والموت، في صراع مع الشهيق والزفير أسبوعاً، بل اثنين، لعل من مبكيات الإنسان أن يعرف متى موته، لا حتمية موته، وغسان جرّب طرق الموت منذ كان شاباً، فدائياً، يناضل من أجل فلسطينه التي حملها معه في المدن التي ارتحل إليها، ومنها، كبيروت ودمشق وتونس والقاهرة.

يمكن أن يكون غسان مطر آخر الفنانين العرب الذين شكلوا ظاهرة في السينما المصرية، والفن عموماً، حيث أتاحت لهم القاهرة الاستقرار، والانتشار، والاستمرار، مثل نجيب الريحاني العراقي، وبشارة واكيم اللبناني، وكنعان وصفي العراقي، وعبد السلام النابلسي اللبناني، وأنور وجدي السوري، وعرفات داوود حسن المطري، وهو الاسم الحقيقي لـ «غسان مطر»، وكأن قدره أن يختار أسماء غير اسمه الحقيقي، اسماً للنضال، واسماً للفن، مثلما اختار لابنه اسم «غيفارا» والذي استشهد مع أمه وجدته في حرب المخيمات الفلسطينية عام 1985، ولعلها من المآسي التي هزّت روح الفنان أن يفقد أمه وزوجته وابنه في لحظة واحدة، لكنه تغلب عليها بروح الوطني، والفدائي.
مشوار غسان مطر مع الفن طويل، عمل في الإذاعة، والسينما، والتلفزيون والمسرح، لكنه تفرد بأدوار زعيم العصابة المتأنق دوماً، بنظارته الكبيرة المذهبة، وسيجاره الذي لا يفارق فمه، ومنديل الجيب، والخاتم الكبير، وتلك الدعابة التي تميزه كشرير مختلف، له «لزمات وقافية» يرددها، والحقيقة أن غسان مطر هو هكذا في الحياة، زعيم ثورجي، وبنفس التأنق، شعره الطويل، ونظارته المذهبة، وتلك الروح المحبة للحياة، والسيجارة التي لم يتخل عنها، وكان دائماً ما يحضر على الطاولة التي تجمعني والصديق الكاتب والصحفي حافظ البرغوثي، نتناقل آخر أخباره، ودعاباته، والغريب أن خبر وفاته وصلنا، ونحن الاثنان نتحلق على طاولة صغيرة في مساء يوم كأنه الحزن، حتى أن البرغوثي لم يشأ أن يفتح الرسالة النصية، لأن الخبر كان في بدايته اسم غسان، وهكذا كان، رحل طائراً جميلاً، ملفوفاً بعلم فلسطين، تلك التي لم تكن غائبة عنه، بل حاضرة فيه، كالنفس المطمئنة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفدائي المتأنق الفدائي المتأنق



GMT 03:31 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

مفكرة القرية: تلة متحركة

GMT 03:31 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

هل ستتفتح زهور الصين وتثمر في أفريقيا؟

GMT 03:30 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 03:29 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

إصلاح مجلس الأمن وعوائق الدول الكبرى!

GMT 03:28 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

السعودية وثوابت القضية الفلسطينية

GMT 03:26 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

عن يمين وشمال

GMT 03:26 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

عقول شيطانية وضمائر ميتة

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 01:32 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

طالبات مواطنات يبتكرن جهازًا للوقاية من الحريق

GMT 05:07 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الفيصلي يقف على أعتاب لقب الدوري الأردني

GMT 08:12 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

اكتشفي أفكار مختلفة لتقديم اللحوم والبيض لطفلكِ الرضيع

GMT 04:05 2017 الثلاثاء ,25 إبريل / نيسان

فريق "العين" يتوّج بطلًا لخماسيات الصالات للصم

GMT 04:55 2020 الثلاثاء ,15 أيلول / سبتمبر

أحمد زاهر وإبنته ضيفا منى الشاذلي في «معكم» الجمعة

GMT 18:24 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مجوهرات "شوبارد"تمنح إطلالاتك لمسة من الفخامة

GMT 05:40 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

هبوط اضطراري لطائرة متوجهة من موسكو إلى دبي

GMT 22:49 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

منزل بريستون شرودر يجمع بين التّحف والحرف اليدوية العالمية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates