العتالون الصغار

العتالون الصغار

العتالون الصغار

 صوت الإمارات -

العتالون الصغار

ناصر الظاهري

سأقوم برحلة على حسابي لبلدان أوروبا ولبعض بلدان شرق آسيا المتوثبة للازدهار من أجل زيارة مدارسها في المراحل الابتدائية والإعدادية، ليس بقصد الاطلاع على خططهم التعليمية، ولا على المواد اللامنهجية، ولا إذا كان التعليم بلغة غير لغة البلاد هو الأجدى والأنفع، ولا عن طبيعة تأهيل المعلم الحديث غير التقليدي، ولكن بغرض وحيد وهو رؤية مدى حجم الحقيبة المدرسية التي يحملها أولادهم في مجيئهم وذهابهم.

أبناء هذا الوطن قام الأهالي فيه بندب «الدريول أو البشكارة أو خدم المنازل» لحمل الحقيبة المدرسية عن كاهل أولادهم، لأنهم لا يقدرون على حملها، وأن ترى منظر طالبة في الابتدائية تسحب شنطتها أو ولداً عائداً من المدرسة وهو «يترتر» حقيبته المدرسية وراءه، لأن مثل هذه الحقائب هي أشبه بشنط الحجاج، بحاجة إلى رجل لـ«يروزها» لا عود طري أخضر في طور النمو.

ولك أن تشاهد عند انصرافهم من مدرستهم حال أبنائنا كيف هو، في البداية ستدهش لأنك ستعتقد أن هذه المدرسة لتعليم الكبار من الجاليات العاملة في الدولة، لأن سراويل وقمصان طويلة ولحى بيضاء، وفلبينيات وسواقين هنود يشبهون العاملين «كومبارس» بالسينما الهندية، وهم يجرون شنطاً، وخلفهم طالب أو طالبة أعياهما التعب والعطش وهما يسحبان أرجلهما، ما عادت تلك الفرحة بالانصراف أو الفسحة المدرسية تفرح طلبتنا، لينهضوا خفافاً يتراكضون، الآن عليهم أحمال ثقال.

وسأعرج بالضرورة في تلك الزيارة إلى الدول الإسكندنافية، وفنلندا بالذات باعتبارها الأكثر تقدماً في عملية التعليم، وسأرى حقائب أولادهم المدرسية، ولو أنني متيقن أن أحفاد الفايكنج المحاربين وهم القادرون على حمل «ثويّ ممزور سماد»، لا يحملون ما يحمله طالب مواطن، جل تغذيته على ما في بقالة الهندي أو الـ«فاست فود» يوم يريد «البطرة» أو ما تعجنه الشغالات من أكل كله كاربوهيدرات، حتى في زمن الطلبة الذين كانوا يدرسون ويشتغلون في آن واحد، وزمن طلبة سنة «سكتو» الذين كانوا «يعارى» والواحد منهم كان يلطم «غز سح» ويهفّ صحن عيش وسمك، ما كانت شنطهم بذاك الثقل مثل شنط اليوم التي تعادل «قلة تمر».

اليوم طلبتنا يشتغلون عتالين لكتب المنهج المدرسي، وما يفرضه المدرس من واجبات، لذا تراهم عندما يكبرون «يترّون على قتر» ويبدأ تقوس الظهر عندهم مبكراً، وأتذكر أن البرلمان الفرنسي ناقش حقيبة الطالب المدرسية، وثقلها، وتأثيرها على نموه، وعمل تشوهات خلقية له في الكبر، وتَدخل ليصيغ توصيات مدروسة ونافذة لحل تلك المشكلة!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العتالون الصغار العتالون الصغار



GMT 04:32 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

لحظة تأمل

GMT 04:32 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

حرب الجنرال الغائب

GMT 04:30 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

كِتاب غزة

GMT 04:29 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

الحرب الثالثة ماذا بعدُ؟

GMT 04:29 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

«أوديب».. وقد غادر الطائرة

GMT 04:25 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

وزراء كانوا هنا

GMT 04:24 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

القرار الخاطئ

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 04:59 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات

GMT 22:44 2013 الأربعاء ,10 إبريل / نيسان

مواجهات بين طلبة أكراد وإسلاميين في جامعة تركية

GMT 01:26 2013 الأحد ,18 آب / أغسطس

"أميركية دبي" تستضيف مؤتمر طلاب هارفارد

GMT 09:55 2013 الجمعة ,31 أيار / مايو

زر "ابدأ" يعود لويندوز 8

GMT 11:19 2015 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

جامعتا الأردنية وكوفنتري توقعان اتفاقية تعاون علمي وبحثي

GMT 01:17 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

رحلات الطيران تنضم لعروض بلاك فرايدى بأسعار مذهلة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates