الإنسان يتعلم من كيسه  2

الإنسان يتعلم من كيسه - 2

الإنسان يتعلم من كيسه - 2

 صوت الإمارات -

الإنسان يتعلم من كيسه  2

ناصر الظاهري

ردّت على موظف الجمارك الروح حينها، ويبدو أنه لم يصادف في يومه ذاك غير الملتزمين، والمنضبطين، وأمامه كما يعتقد صيد ثمين، خاصة وأن حقيبتي التي تشبه «مندوس العياييز» وجد فيها عملات قديمة، وأخرى بائرة، وأخرى مقطوعة من الأسواق منذ أجل طويل، وهي أقرب لدكان صرافة صغير يعترض طريق المسافرين، فكانت أول أسئلته ماذا تعمل؟ فقلت: «أعمل بالنقد الأدبي، وليس بالنقد الأجنبي»، فتراجع خطوة للوراء ليزيد من تمعنه في تلك المبالغ المختلفة الألوان والأرقام التي أمامه، فقلت له: أرجوك لا تظن، ولو للحظة أنني أعمل في التهريب، أما أوراق النقود القديمة فهي من بلدان متعددة لهواية كنت أعشقها، وتنازلت عنها، وعن مدخراتي من أموالها البائرة لبنت أختي، وها.. أنا ما زلت أجمع، وأجمّع لها ما تطاله يداي من مدن العالم، وكدت أبوح له عن ظرف على حَطّة اليد، جاءني «شرهة»، فقلت: «والله النشبة.. إن فتحت هذا الموضوع»، خاصة وأنه مندهش من كل هذا النقد في السفر، وفي هذه الشنطة، فحرت كيف لي أن أفسر له الأمر، بأن لدي فوضى جميلة، وأنني أعرف أنتقي كل شيء من خلال تلك الفوضى، لذا أحياناً أضع شيئاً فأنساه، حتى أتذكره، فأعرف مكانه من الذاكرة بسهولة، فقال: عليك التصريح بتلك المبالغ إن زادت عن الحد المسموح حين وصولك، وخروجك، فهنا قوانين ملزمة على المواطن والمقيم والزائر، فشعرت أنه سيتجه لاتهامي بتمويل الإرهاب، وبعض خلاياه النائمة في أوروبا، فقلت لأبعد عني تلك التهمة التي يفرح الأوروبيون بإلقاء القبض على مرتكبها، وناويها، والحالم بها، والحامل لها، والمحمولة إليه، فقفزت لذهني فكرة الاعتراف له بأنني أتعاطى الميسر، وأنني مغرم بلعب القمار، ومن عشاق الكازينوهات، وطاولاتها الخضراء الليلية، فيتشتت ذهنه، ويذهب بعيداً، لا عميقاً في الأمور، وبعد أخذ ورد، وتأكيده عليّ أنني حر في الإجابة، والرفض، ولي مطلق الحرية في الصمت، وانتداب محام إذا ما شئت، أو يجلبون لي مترجماً إذا ما عجزت اللغة، فأيقنت حينها أن المسألة ستطول، وستضيع عليّ ساعات، وهكذا كان، فقد أعدوا أوراقاً، وتواقيع، وسؤال، وجواب، وقرروا أن يصادروا مبلغ خمسة آلاف يورو، نتيجة حسبة خاصة، لم أدركها، ولا كنت أنوي أن أسأل عنها، بعد أن اعتذروا عن تأخيري، وتغريمي، لكنهم يتبعون القوانين، رغم تعاطفهم معي، ومع نواياي الحسنة، فخرجت وحقيبتي خاوي الوفاض من خمسة آلاف يورو، غرمتها من كيسي!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإنسان يتعلم من كيسه  2 الإنسان يتعلم من كيسه  2



GMT 22:31 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

كبير الجلادين

GMT 22:30 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

التغيير في سورية... تغيير التوازن الإقليمي

GMT 22:29 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أحاديث الأكلات والذكريات

GMT 22:29 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

هل مع الفيروس الجديد سيعود الإغلاق؟

GMT 22:28 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

سوريا... والهستيريا

GMT 22:28 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

لا يطمئن السوريّين إلّا... وطنيّتهم السوريّة

GMT 22:27 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

هيثم المالح وإليسا... بلا حدود!

GMT 22:26 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

جرعة تفاؤل!

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 19:42 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:03 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

"بهارات دارشان" رحلة تكشف حياة الهند على السكك

GMT 11:22 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تظهر بوزن زائد بسبب تعرضها للأزمات

GMT 14:04 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد بن زايد يفتتح معرض فن أبوظبي 2013

GMT 06:44 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نشر كتاب حول أريرانغ باللغة الإنكليزية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates