ناصر الظاهري
لماذا يصر بعض الناس حين يتحدثون عن النفس، أن يقدموها على أنها كانت الأفضل والأكثر تفوقاً وتميزاً عن الآخرين، ولو بكثير من الضحك على النفس وعلى الآخرين؟ في غياب الحسي والملموس والموثق كتابياً، على اعتبار أن المتحدث لن يطلب منه أن يثبت ذلك خطياً، وأن المتلقي لن يطلب من المتحدث برهاناً يدوياً، فهو يمكن أن يقدم نفسه باعتباره الأول على دفعته، وهو الأول على نتائج الثانوية العامة على مستوى الدولة، وهو واحد من ثلاثة تم انتخابهم على مستوى الجامعة، وشهادة دراساته العليا كانت بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى، كل ذلك يُقال في حفلة اجتماعية عابرة، ويمكن أن يُقال حين البحث عن عمل أو وظيفة للاستدراج وإيهام الآخر بتلك الهالة الكاذبة!
- لو نتذكر فقط كيف حدثت مقاومة المتشددين والجاهلين لأمور هي اليوم ضروريات في الحياة، كيف فتشوا عن نصوص مقدسة تدعم معارضتهم، وتحوط المجتمع من هذا القادم الغريب، وهذه البدعة التي يرونها لأول مرة، لو نتذكر فقط، ظهور أول راديو، وأول تليفزيون، ورؤية طائرة محلقة في السماء، ونشر خبر وصول الإنسان إلى القمر، لو نتذكر فقط ذلك، ونقول: ما أكثر الآتي في قادم الأيام، والآتي ليس كله بدعة!
- هناك صحافة هي أقرب للشحاذة، والتي تعتمد على مبدأ اطعم الفم، تخجل العين لذلك تسعى المؤسسات الصحفية الكبرى والمحترمة لمنع منتسبيها من أخذ الهدايا واستلام الظروف الملغومة، لكي لا ترتجف يد الصحفي، ولكي لا يثلم قلمه، ولكي لا يتلوث شرف المهنة!
- هناك صحافة هي أقرب للدجل والشعوذة، والتي تعتمد على مبدأ قال: «ع.ط » وصرح «و.ن»، أما «خ.ر» فقد أعلن تمسكه وتشدده بمبدأ الحوار الديمقراطي، و«م.ط» دافع عن خططه المستقبلية والطموحة، لا تتكلموا عن هذه الوزارة، لأن فيها فلاناً، ولا تتطرقوا لتلك الدائرة لأن فيها علاناً، ليس لدى المواطن أية مشكلات، وخدماتنا الصحية عال العال، نضع بحسنا الوطني ووعينا الثقافي أربعة أحصنة جامحة تجر عربة الصحافة الوطنية للأمام، ولا ندري أن هناك مائة «حمار» وحشي، يجرونها للوراء!
- أبشع شيء في الإنسان حين يقرر أن يكذب على نفسه، ويكون هو المتضرر الوحيد، ورغم ذلك يتمادى في الكذب والضرر بالنفس، وهي من أشد الأمور «مازوشية» لأنه يعذب نفسه، ومن أكثرها إيلاماً وسادية لأنه يتلذذ بتعذيب الآخر، والآخر هذه المرة ليس سوى الإنسان نفسه!