ناصر الظاهري
من يتذكر حقيقة ما تعلمه في المدرسة من مادة الدين أو التربية الإسلامية؟ وهل تدركون ما فاتكم من مادة الفلسفة في صفوف المدرسة الثانوية؟ وكم خسرتم لأن لا مادة التربية الفنية أو الموسيقى أو المسرح ظلت في المنهج المدرسي، وفي النشاط اللامنهجي؟ لقد عشنا، وأقول عن جيلي، ذلك الصراع بين مدرسي التربية الإسلامية واللغة العربية، وبين مدرسي التربية الفنية والرياضية والاجتماعية، حيث كان كل فريق يريد أن يقصي الفريق الآخر، ويثبت لنفسه أنه هو الأفضل، ولم يجدوا نقاط تقاطع حتى، وهي مصلحة الطالب، واختياره الذي هو مسؤول عنه، وعن تدبير نفسه، كانوا يفرضون الأشياء، وبعض الأمور فرضاً، وغير قابلة للنقاش، والمجادلة ممنوعة، وربما انضم للفريق الثاني مدرس اللغة الإنجليزية الذي لم يكن محبوباً على الدوام، كان هذا الصراع الذي يحدث في المدرسة، كان شيء منه في المجتمع، حتى نضجت الأمور، وأصبح المجتمع العربي برمته يعاني منه، وتطورت المسائل حتى شاهدنا الدم، والتكفير، وإلغاء التفكير، وإحداث الفتاوى العصرية في كل صغيرة، وكبيرة، بعلم أو بجهل.
وخيراً فعل العاهل المغربي حين نادى بمراجعة منهاج التربية الإسلامية، وإعادة تقويمها، وعصرنتها، وربط الدين بالحياة والحضارة، ومعنى التسامح، وإلغاء مبدأ الكراهية، ولعن الآخر، وهو أمر على الدول العربية في الخصوص أن تتبناه، وتعمل من نفسها، وبنفسها على مرحلة التغيير، وإعادة قراءة المناهج بشكل عام، ومنهج اللغة العربية والتربية الإسلامية بشكل خاص، وإضفاء مناهج لمواد جديدة فرضتها الحياة العصرية، وركب التطور التقني، والمستجدات العلمية، والمدارس الفكرية الجديدة، لقد جاء «الإخوان»، ومن شاكلهم، فمنعوا تدريس الفلسفة في غفلة منا، وبطريقة خبيثة، ومنع الفلسفة، يعني إلغاء الفكر والمنطق، وإخراس العقل عن الأسئلة والتأمل، والتهمة على من يمارس الفكر والفلسفة جاهزة، ومنذ عصور الانحطاط «الزندقة» و«الردة» و«الهرطقة»، ثم جاء الجهلاء، وفي غفلة منا أيضاً، فوأدوا الذائقة الفنية، والتربية الفنية، ومنعوا الموسيقى والمسرح والرسم والنحت، والحجة موجودة وجاهزة منذ سالف العصر والأوان «الفساد والمفسدة وإلهاء عن أداء الصلوات في أوقاتها»، و«التشخيص» و«عبادة الوثن» وغيرها من الكلمات المهترئة.
لقد سعدت بسماع «تغريدة» لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، بشأن دمج وزارة التربية والتعليم، ووزارة التعليم العالي، فلا بأس من التعلم من تجاربنا السابقة، والرجوع للصواب، ومحاولة الإبداع، والابتكار، والتجديد، وتطبيق النظريات العصرية في الإدارة، فالهدف هو النجاح وبتفوق، وخلق مجتمع واع، ومتسامح، وفاعل من أجل وطنه، وأمته، وبناء حضارته.