ناصر الظاهري
لا نعرف على من نضع اللوم فيما يجري في الكثير من مدارسنا بمختلف مراحلها، وكأن المدرسين لا يفرقون بين أعمار طلبتهم، ودرجة استيعابهم، وحتى معطياتهم المجتمعية المختلفة، خاصة حينما يتعلق الأمر بالدين، والتربية الإسلامية التي يرى كل واحد فيها وجهة نظر، واجتهادا، ووفق تصوره، وما تربى عليه، وإن كانت تربية خاطئة، أو هي اليوم في غير وقتها، وليست مناسبة في ظروفها، وإلا ماذا يحدو بمعلمة أن ترهب طفلة في سنواتها الأولى بأن هناك خيطاً رفيعاً نمشي عليه؟ وإن كنا غير صالحين، سقطنا من ذلك الخيط، وأوقعنا الله في النار، وعذبنا في جهنم إلى الأبد، ترى ماذا تعرف تلك الطفلة الصغيرة عن الصلاح والفلاح؟ ولماذا نصدر الله للأطفال منذ نعومة أظفارهم أنه شديد العقاب، أقله ستقول الطفلة: أن الله لا يحبني، أو ماذا فعلت ليعاقبني الله؟ على عكس ما تفعل الكنائس والمدارس في الغرب، حين يطرحون على أطفالهم: «إن الله محبة» و«أنه يبعث الهدايا للأطفال، ويحميهم، وتحرسهم ملائكته حينما ينامون»، وليس كما هو الحال عندنا، لا نجعل أطفالنا يشعرون بتلك الرحمة، والمحبة، والود والتقارب، وكأن الله مسؤوليته العقاب، وهو الذي يرمي من على الخيط الرفيع، مثلما هي كلمة قالتها معلمة، وذهبت إلى بيتها، لكن تلك الكلمة ستبقى في ذهن الطالبة للأبد، وستعذبها بين الحين والحين، وقد تخربط خطاها في الدنيا، وقد تضعضع حياتها، وتخلق منها شخصية خائفة، تتلفت للوراء، خوفاً من الوقوع من على الصراط المستقيم.
لذا أرى أن يخضع المعلمون بين الحين والآخر للتقييم والتقويم، ليس في الأداء الوظيفي، ولكن فيما يطرحون، وما اكتسبوا من معارف، وما طرأ على حياتهم من تغييرات، فكرية واجتماعية، ومدى تواصلهم بمستجدات الحياة الجديدة، ولا نعتمد على ما وصل إليه في اختباراته الأولى، وشهادته العلمية، وتوصية المدير، حياة المعلم ممتدة في سِيَرّ أجيال من الطلبة، لذا يجب مراقبته، وتحسين عطائه، واخضاعه لدورات حديثة، وبذلك سنمنع أن نجعل من مدرسة جديدة التخرج، ولا تملك خبرة في الحياة وأمورها، أن تتولى تدريس طلاباً صغاراً، باعتبار أنهم لا يفهمون، ونجعلها تجرّب فيهم، أو مدرس بالكاد خارج من سن المراهقة، ومضطرب نتيجة للتغييرات الهرمونية، وربما حياته الدراسية كانت على غير ما يرام، ونقول له: لك أمر التربية الإسلامية، فهي أخف عليك من الرياضيات، واللغة العربية، هي كم سورة من قصار السور، وأركان الإسلام الخمسة، ودبّر حالك!