أرزاق تساق وأخرى نبحث عنها

أرزاق تساق.. وأخرى نبحث عنها

أرزاق تساق.. وأخرى نبحث عنها

 صوت الإمارات -

أرزاق تساق وأخرى نبحث عنها

ناصر الظاهري

من الأشياء التي يعجب بها الإنسان حينما يزور تايلند، أن يجد كل الناس تعمل، وتكد منذ الساعات الأولى وحتى وقت آخر الليل، وبالأخص النساء اللائي يتفوقن على الرجال في امتهان حرف كثيرة، أعمال تبدأ من الصغيرة جداً حتى الأعمال الدقيقة والمعقدة، فلسفة العمل عند الشعب التايلندي عجيبة، ربما استمدها من الطبيعة القاسية التي تجبره أن يعمل لكي يبقى على قيد الحياة، وربما من البوذية حيث القداسة تذهب بعضها للعمل، ومساعدة النفس والآخرين.

وأغرب مدرسة للعمل رأيتها في تايلند مدرسة خاصة بتعليم القرود وتدريبها قبل أن تتخرج وتستوعبها أسواق العمل، يدخل القرد في عمر السنتين إلى ثلاث سنوات المدرسة، ويقضي فيها قرابة الـ6 أشهر، يكون بعدها قد تلقى تعليماً أساسياً في التعامل مع البشر، وأخذ حصته من التدريب على الأعمال اليدوية، والمهارات التي يحتاجها السوق.

تقبض المدرسة ما يوازي ثمن للتعليم والتدريب والإعاشة من المشتري الذي ينوي تبني القرد وتشغيله، خاصة في جني ثمار جوز الهند، وتسلق أشجارها الباسقة في سرعة وخفة قياسية، لا يقدر عليها الإنسان، وعصا الخيزران الطويلة التي يستعملها في قطف النارجيل، ولا الآلات وتكلفتها العالية، وضررها بالطبيعة، وبيئة الغابات، وحده القرد قادر أن يقطف 400 نارجيلة في اليوم، وبأجر يتحصل عليه مقابل ذلك، يوازي 10 دولارات، ولا تقول :«بتقص عليه بغرمول موز، وبيسكت»، وكما أن هناك قرودا عاملة، هناك قرود لصوص، وقد صادفت واحداً منها في إندونيسيا، حيث غافلني، وأنا مندمج في التصوير، واستطاع أن يسلّ نظارتي من بين عيني، وبين عين الكاميرا، وغاب في تلك الأشجار، فلا نفعت معه مساومة أو إغراء بموز، وحين شبع منها، رماها، متفتتة.

في تايلند الكل يعمل، وليس القرود فقط، الأفاعي «تسعى» وراء رزقها، والأفيال تكد، والطيور تسرح خماصاً، وتغدو ثقالاً وراء رزق أولادها وأرزاق أرباب العمل، النمور، التماسيح، الكلاب، الأبقار، الدواجن، وحيوانات كثيرة لا تحصى، جميعها تعمل منذ أن تدب أقدام الإنسان فجراً طلباً للقمة يومه.

وما فات كارل ماركس واختلال نظريته «رأس المال» والقوى المنتجة في المجتمع، واعتماده على الإنسان في سوق العمل وحده، تبطلها تايلند وجحافلها العاملة من الإنسان بأعماره المختلفة، كل حسب قدرته، والحيوان بأنواعه، كل حسب طاقته، والتي تتشارك جميعها في الإنتاجية، وتحريك سوق العمل.

اليوم.. أرى أن ليست «الأيدي العاملة» وحدها المنتجة، هناك «الأقدام العاملة» أيضاً، وما تجنيه من أجور عالية للاعبين تتقاسم وتتصارع على أقدامهم المنتجة أندية العالم، وهناك «العقول العاملة» والتي تتسابق على استقطابهم الدول المتقدمة، فهم يبيعون فكرة، ويرحلون، يقدمون حلاً لمعضلة، ويسافرون، وهناك «أنوف عاملة» للمتخصصين في إنتاج العطور، ومستلزمات التجميل، وهناك «أفواه عاملة» للمتذوقين للقهوة، والأجبان، والمشروبات والمكيّفات بأنواعها!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أرزاق تساق وأخرى نبحث عنها أرزاق تساق وأخرى نبحث عنها



GMT 21:52 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

نفط ليبيا في مهب النهب والإهدار

GMT 21:51 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

نموذج ماكينلي

GMT 21:51 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

أخطر سلاح في حرب السودان!

GMT 21:49 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

الإرهاب الأخضر أو «الخمير الخضر»

GMT 21:48 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

الإرهاب الأخضر أو «الخمير الخضر»

GMT 21:48 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

اللبنانيون واستقبال الجديد

GMT 21:47 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

لا لتعريب الطب

GMT 21:46 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

في ذكرى صاحب المزرعة

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 01:23 2018 الإثنين ,24 كانون الأول / ديسمبر

منتدى الشعر المصري يناقش كتاب "السلطة والمصلحة"

GMT 15:50 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نصائح بسيطة للحصول على مطبخ ريفي أنيق

GMT 05:40 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

مسرحية "ولاد البلد" تعرض في جامعة بني سويف

GMT 00:27 2018 الأربعاء ,26 أيلول / سبتمبر

جينيفر لوبيز تنزلق على خشبة المسرح أمام الجمهور

GMT 04:35 2014 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

93 لوحة لـ 22 مبدعًا في معرض "ثمرة"

GMT 13:50 2018 الخميس ,21 حزيران / يونيو

صبري فواز قيمة مع السنوات

GMT 14:30 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

تعرف علي المواصفات الكاملة لـ"كيا سيراتو 2019" الجديدة

GMT 22:03 2016 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

انطلاق معرض تشكيلي في المدينة المنورة

GMT 01:59 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

سعر الريال اليمني مقابل الدولار الأميركي الخميس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates