بقلم : ناصر الظاهري
كيف يمكن لنا أن نمشي دون أن نلتفت لتلك الزهرة الفرحة بمكانها وزينتها، والتي تعطي لجهة الرصيف الأخرى معنى مختلفاً وملوناً، وقابلاً ليقول للحياة أهلاً.. أنا هنا؟
كيف يمكن لرجل يعد الرجولة تاجاً من ظفر أن يسمع نداء امرأة أو يرى دمعاً ساقطاً من عينيها، ويصم أذنيه، ويخفي عينيه خوفاً على نفسه، لا خوفاً عليها؟
كيف يمكن للبعض أن يشرك لقمة باركتها ملائكة السماء، بلقمة يعرف أن الشيطان غمسها بحقوق الآخرين، ولا يسمي عليها، ويسمم بها أولاده؟
كيف لا يقبل البعض إلا بالدنس، وكأن لا لذة جميلة في الأشياء الجميلة، ولا رضا قد يحل بالنفس إن لم تبتل جوارحنا بالرجس، وغواية السهل والسريع، وهل من مزيد؟
كيف يمكن للبعض أن لا يتعظ من آلامه، ولا تكفيه عذاباته التي تثقل خطوات القدم، ويسمح أن يضحك عليه من هو أقل منه شأناً ومعرفة وبصيرة في الحياة؟
كيف لا تتغير وجوه البعض حين يلقون كذبة بحجم الجبل، ويشهد عليها من أحبهم وأكرمهم وصدّقهم، لمَ الخجل ضد الكذب دائماً؟ كثير من الخجل، قليل من الكذب!
كيف لا يتصالح البعض مع الحياة وشرفها، فهي لا تطلب من الجميع الصدق دوماً، لكن ترجو من القليل عدم الكذب أحياناً؟
كيف يعيش البعض مرتدياً أقنعة لكل وقت وزمان، وليس مطلوباً منه لكي يتذلل ليعيش أو يعيش متذللاً إلا تبديل الأقنعة؟ ما أسهلها عند البعض، لبس قناعاً، نزع قناعاً.
- البعض قادر على أن يعيش بطحالين، وإلا كيف يقدر أن يسامح ولا يتسامح؟
- كيف للبعض أن يسمع تأتأة صبي ولا يتوقف قليلاً، يلمح تهدل الشفة السفلى لطفلة تستدعي بكاء لا يتسع له صدرها، ولا يتوقف قليلاً، كيف له أن يرى الطفولة كلها تستدرجه لبراءتها الأولى، ولا يتوقف كثيراً، ويصمت؟
- كيف للبعض أن لا يتنبه للطرق الخفيف للسعادة؟ تلك التي تؤشر عليه من بعيد أو تتبعه كظله، تريده أن يتعثر بها أو تحاذي كتفه ليفهم كصديق، وهو ذاهب في غيّه، غير مبال بالذي قد يفرح روحه!
- ليس كمثل الحاجة أذى، ولا قدرها وزناً وشقاء، ورغم ذاك هناك الكثير ممّن يبطن الحاجة، ويبطّنها بدفء عزته، ولا يجعلها تغادر ضلوع صدره.
- هناك أشياء كثيرة في الحياة، وأمور عديدة فيها، لا تجعلنا نمر بجانبها هكذا، دون أن نتوقف قليلاً.. ونصمت كثيراً!