بقلم : ناصر الظاهري
- «عجينة» أول يوم في العام الدراسي، استقبلها التلاميذ بتلكؤ وتمط وكسل، واستقبلها الأهل بتعب مبكر، ومسبات وازدحام ومخالفات؛ لذا مادة «الأخلاق» يجب أن تقرر على الجميع.
- فلبينيتان تخرجان من بقالة، تستظلان بمظلة واحدة، تقرضان بسكويتاً أو شيئاً من الحلوى، يبدو أنهما تمضيان فترة استراحة الغداء قبل العودة للشركة الباردة.
- واحد يراجع سفارة ما، يده محملة بأوراق، وشنطة صغيرة معلقة بكفه، قميصه الأزرق ذو الخرائط المائية ينبئك أنه كابد كثيراً هذا النهار من أجل تأشيرة سفر متعثر هذا العام.
- عامل يدخل المسجد، ملابسه «ترطخ» من العرق، ليصلي الظهر، يضربه المكيف البارد، فيقصر في الركوع، ويطيل السجود، وما كاد ينتهي حتى انقلب على ظهره، لينعم بغفوة لا تقاوم في تلك الظهيرة القاسية.
- واحدة «هذا سيرها» وملتفة بعباءة سوداء تصلق قليلاً، وبالتأكيد «حرّانه، وتانس لهيب، وتنافخ، وتناهي، وممتعضة من شيء ما» وبالكاد قادرة على التنفس، وإكمال مشوارها العبثي.
- أجنبيتان لابستان ملابس خفيفة، وشراعيه تستدعي الريح، ذكرّتني ملابسهما الصيفية تلك ببائع لبناني، باعني مرة قميصاً من الكتان، وقال لي: «هيدا بيبورد»! فلم أقتنع حتى بعدما لبسته، وطرأ على بالي حين رؤية ملابس الأجنبيتين الـ «سي ثرو».
- واحد رغم أنه في سيارته المكيفة، فإنه يبدو عابساً، ويشعر بضيق جلبه له هذا الصباح الناري، قد يكون من الحفريات الكثيرة التي في الشارع أو من التحويلات التي تعكر طريقك المستقيم، وإن لم يكن، فالغيظ بالتأكيد من أقساط سيارته المرهونة، التي لا تنتهي رغم مرور السنوات.
- عامل محطة وقود تبدو ثقيلة عليه ساعات النهار التي لا تنقضي، ولا يجف عرقه، عيونه تستجدي شيئاً ما عند راكبي السيارات المكيفة التي يملأ خزاناتها.
- واحد يغازل في هذا الحر، واللغط، واللاهوب، ولا أحد صوبه، ولا أحد فاض له، ولا نشّاد عنه، مع نظارته الشمسية التقليد.
- عمال يستريحون مضطجعين على العشب، وتحت فيء شجرة حانية عليهم، وحالهم يقول: ما أجمل لحظات البساطة، ورائحة الظل.
- واحدة تبدو من مشيتها غير الواثقة أنها في طريقها لإقناع أحد الزبائن الذين يتكلفون ويوهمون الناس بشراء العقارات البائرة والمتعثرة، لكن ثمة بريق منطفئ في عينيها بعدم جدية الشاري، وهناك مسبة مستبقة له، مخبأة في الصدر الذي تصر على أنه تجعله رسولاً لإتمام الصفقة غير الرابحة كثيراً في صيف ممل تتجاوز حرارته 40 درجة مئوية.