جدلية اليد العليا والسفلى

جدلية اليد العليا والسفلى

جدلية اليد العليا والسفلى

 صوت الإمارات -

جدلية اليد العليا والسفلى

بقلم : ناصر الظاهري

في المرات النادرة جداً التي أراجع فيها البلدية مجبوراً، لكي أوثق معاملة، لا أدري ما دخل البلدية فيها، أو أمر بالخطأ تفادياً لزحام في الشارع العام، كنت أرى أكثر المراجعين لها، وكأنهم أسرى حرب أو من معطوبي الحرب بمصطلح إخواننا في المغرب العربي، فأنفي فكرة الحروب وويلاتها وكوارثها، فأرد الأمر إلى الزواج من الأقارب، وأنه ربما مبعث وجود الكثير من المعوقين أو من ذوي «الاحتياجات الخاصة» لأنه لا يعقل أن يكون مراجعو البلدية بهذه الصورة المحزنة، والتي تقلع القلب، وتدمي العين، وكأننا خرجنا بالأمس من محاربة الاستعمار ودحره، مخلفة تلك الثورة الوطنية الكثير من الضحايا وجرحى الحرب.

بعض من هذه الوجوه تلتقيها في المرة الأولى عند باب البلدية وهي تعرج، وبعد مدة تراها وهي تراجع على كرسي مدولب، فيخرج الرجل الطيب منك وتستذكر الدنيا، وأن ما بها خير، ويحّن قلبك عليه، وتكاد أن تمد له يد العون والمساعدة، لكن حين يولي يخرج الرجل الموسوس فيك ليقول: إما أن العرجة الأولى لم تنفع، وجعل يجرب غيرها، وإما كانت العطية للرجل العرجاء عمارة أم أربعة أدوار، والآن يريد أن يعلي من طوابق عمارته، وجاء على كرسي متحرك، حتى يحرك مشاعر المسؤولين، ويأمروا له بالتطاول في البنيان، وإن كان طال به العمر والأجل، وطال به الأمل، فسيتخلص من العرج والكرسي المتحرك والحرج، وسيزور البلدية في المرات المقبلة زحفاً، لأنه ينوي أن يورث أبناءه الصغار من الحرمة الجديدة في المناطق الجديدة المستصلحة في توسعات العاصمة.
لا أعرف لماذا يرتبط عندنا العطاء للمكسور وللمتحرول، وللذي يعصب رأسه من دون وجع؟ ولا أعرف لماذا يكون عندنا السخاء والبذل والعطاء حين نبلغ من العمر أرذله أو حين يدق المرض بابنا؟ بين السائل المستجدي بصنع العاهة الذي يعتقد أن الإعانة لا تأتي إلا بعد المعاناة، وأن العاهات مصنع الخيرات، وبين المعطي الضنين الذي ينتظر شيئاً كونياً غير عادي لكي يقوم بالتبرع والعطاء، فهو إما تخدعه اليد المكسورة، والتي يشحذ صاحبها عليها، أو ننتظر مناسبة رمضانية، لأنها أكثر في الميزان، وإما تجبره الظروف على السخاء بشيء من ما يملك، كدفاعة بلاء عن مرض أو التقرب إلى الجنة ونعيمها، والبعد عن جهنم ولهيبها، لم لا تكون أعمالنا لوجه الله؟ ونبتغي منها إسعاد الإنسان مجرداً، بغيضة هي الجدلية بين اليد العليا، واليد السفلى، وكم كثيرة هي علاتنا..!

                           
 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جدلية اليد العليا والسفلى جدلية اليد العليا والسفلى



GMT 22:32 2016 الخميس ,08 كانون الأول / ديسمبر

خميسيات

GMT 21:24 2016 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

التنسك في الألوان

GMT 21:19 2016 الأحد ,04 كانون الأول / ديسمبر

نوبل.. تلك النافذة الكبيرة

GMT 23:31 2016 الخميس ,01 كانون الأول / ديسمبر

السماحة تميزهم.. ولا تغيرهم

GMT 21:21 2016 الثلاثاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

نتذكر ونقول: شكراً

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 19:17 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 06:17 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

افتتاح معرض رأس الخيمة للكتاب بمشاركة 76 دار نشر

GMT 02:43 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على مواعيد مباريات منتخب مصر في كأس العالم

GMT 08:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

تخريج الدفعة الأولى من برنامج قيادة الأعمال الإنسانية

GMT 18:45 2015 الخميس ,22 كانون الثاني / يناير

معرض دبي العالمي للقوارب يعزز مكانته العالمية في 2015

GMT 21:44 2014 الأربعاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

السعودية تشارك في معرض برشلونة للكتاب في دورته الـ32

GMT 01:38 2014 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

جامعة كينياتا تمنح سيدة كينيا الأولى الدكتوراه الفخرية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates