تذكرة وحقيبة سفر 2

تذكرة.. وحقيبة سفر "2"

تذكرة.. وحقيبة سفر "2"

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 2

بقلم : ناصر الظاهري

زاد من حضور رجل جبال الهندوكش سفري مع الحاجة سهيلة إلى الديار المقدسة حديثاً، حيث ظلت تذكرني بأفعال ذلك الرجل، ولكن بطريقتها الخاصة، فكل ما كنت أعرفه أنها من النوع الخوّاف، الفَروق، تخاف من الأسئلة الدينية العميقة، وتجدها تتعوذ بالله من الشيطان الرجيم إذا ما سمعت مناقشة نص ديني بتفسير عصري، وتكاد أن تكون مسلوبة الإرادة أمام الدعاة التلفزيونيين، خاصة أولئك الذين يزيدون من كحل العين، ويمشطون اللحية، وتكاد روائح الطيب والمسك التي تعطر ثيابهم أن تخرج من التلفزيون، والذين يزينون للناس أمور آخرتهم أكثر من أمور دنياهم، ويمكنهم حتى أن يقنعوا المرأة بأن توافق أن يتزوج عليها بعلها مثنى وثلاثاً ورباعاً، سهيلة في هذه المسألة أكثر تشدداً، ولا يمكنها أن تقتنع بالزوجة الثانية، ولو اضطرت أن ترتد عن دين الآباء والأجداد، لكنها بسيطة في فهم الأمور بنية كبيرة، ورضا نفس، ودمعتها تسيل مع توجعات المسلسل التركي الممل، فكيف إذا ما أرعدتها الآيات الثقال، تخلط بين المعتقدات الاجتماعية، وكأنها من صلب الدين، وتستأنس بالأصوات الجميلة للمقرئين، معتقدة أن كل مقرئ يفقه في الدين، تماماً كرأيها السياسي الذي يتعصب لكل تيار أو حزب أو بنك أو حكومة تلصق بعد اسمها كلمة إسلامي أو إسلامية، تؤمن بالحسد والعين، وأنهما مصدر كل بلاء، وتثق بالأحلام، وكأنها كلها رؤيا، فإذا ما حلمت بقطة سوداء أو عقرب ملحاء أو عنكبوت رمادية، ظلت ذلك اليوم تقلّب كتاب ابن سيرين، وتخاف أن تخرج من بيتها. الحاجة سهيلة كانت تردد أنها ستموت ولن ترى مكة والمدينة، وحين تحققت أمنيتها، لم تصدق وأخضَلّ جيبها بالدمع المدرار، وما أن وصلنا جدة حتى رأيتها تتصرف وكأن أي قطعة هناك هي من أحجار الكعبة، وكأن كل الناس مؤتمنين، فقلت لها: هوني عليك، ما هكذا تورد الإبل، ثم إننا بعيدون عن الحرم، وأمامنا طريق طويل من الدنيا ومن أمورها، أولها علينا أن نتفق على سعر السيارة التي ستوصلنا، وثانيها أن نتأكد أن الغرفة التي دفعنا ثمنها أنها جناح، وتطل على الكعبة، كما قيل لنا، لكن أنت وين، والحاجة سهيلة وين، والتي ما أن تمر بأي رمس أو دارس أو بيت مهدم، حتى تذكر الله كثيراً، وإنْ رأت جبلاً صلّت على النبي، وإنْ رأت حجراً مقلوباً في مكة بكت بغزير الدمع، وحين رأت الكعبة لأول مرة، بركت وخانت بها قدماها، وصلّت الصلوات الخمس في مكانها، وحين وصلت المدينة اختلط عليها الدمع بضحكات الفرح، وظلت تسلم على كل الناس باعتبارهم من المهاجرين والأنصار، وحين زارت جبل أحد، ظلت تبكي قتلى أحد نهاراً بطوله، وتستغفر لرماة الجبل، حتى من رآها أعتقد أن لها سبعة من الأولاد تجندلوا في تلك المعركة!

المصدر : جريدة الاتحاد

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 2 تذكرة وحقيبة سفر 2



GMT 13:47 2018 الأحد ,02 أيلول / سبتمبر

العودة للمدارس

GMT 13:47 2018 الأحد ,02 أيلول / سبتمبر

هلا.. بالمدارس

GMT 13:45 2018 الأحد ,02 أيلول / سبتمبر

لأمهات الشهداء.. ألف.. ألف تحية

GMT 13:44 2018 الأحد ,02 أيلول / سبتمبر

وقل "ليتني شمعة في الظلام"!

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 14:45 2017 الأحد ,16 إبريل / نيسان

"الشيكولاتة المكيسكية" أبرز وصفات لويز باركر

GMT 09:19 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

اليابان تبتكر "موبايل" قابل للغسل

GMT 16:02 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف السركال" القطريون دبروا ما حدث في بانكوك"

GMT 08:27 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

نهيان بن مبارك يفتتح معرض "السوربون أبو ظبي"

GMT 17:09 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

تسريبات تكشّف تفاصيل عن مواصفات "سامسونغ غالاكسي S10"

GMT 14:25 2015 الأحد ,25 كانون الثاني / يناير

الشارقة الدولي للكتاب يشارك في معرض القاهرة

GMT 21:15 2015 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

توم فورد يقدم عطرًا مستوحى من ازدواجية إمرأة

GMT 07:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

كتابيه لـ عمرو موسى الأكثر مبيعًا في مهرجان الكويت

GMT 08:23 2013 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مراسلو الإذاعة في ميادين مصر لرصد الاحتفالات الشعبية

GMT 14:28 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الوجبات الخفيفة تعزز طاقة الجسم وتحميه من الجوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates