تذكرة وحقيبة سفر 2

تذكرة.. وحقيبة سفر -2-

تذكرة.. وحقيبة سفر -2-

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 2

بقلم : ناصر الظاهري

كانت جزيرة «كورسيكا» واحدة من وجهات السفر بقصد الهروب للأمام أو هي استراحة لإعادة قراءة الحال والأحوال، ويمكن لإراحة النفس الأمارة بالحب، وتلك التي عندها الوطن هو تاج الرأس، دثار الأم، ولا يقبل المساومة، وأن العمر وازى طلب المعرفة، وروى بما ارتوى، وتساوت الأمور، والقناعة نجاة، سعيد من يقبض عليها، لأنه أوتي الحكمة، وخيراً فضيلاً.

ربما تعددت أسفار مثلها، ولغيرها، كمدينة «بورصة» الخضراء «Yeşil Bursa»، عاصمة العثمانيين «1326 – 1365»م، والتي أسموها «خداوندكار»، ومعناها «هدية الله»، غير أن اشتقاق أسمها جاء من مؤسّسها الملك «بروسياس الأول»، ملك «بيثينيا» عام 186ق.م. في تلك المدينة التي يحرسها جبل «أولوداغ» كشاهد على الوقت، حين تدخلها قاصداً التبرك بتقديم الرجل اليمين، ومعدداً الواو كحرف سرمدي تناسل مع الدهر ليتلقفه مولانا جلال الدين الرومي وصوفيته ودراويشه ومريدوه، جاعلين منه رمز الولادة ووضعية الجنين والخلق، وعظمة الخالق المتفرد بالوحدانية والتوحيد، تدخل تلك المدينة التي تشبه فلاحة نضرة كالثمار التي ترعاها، وقد اغتسلت للتو أو جس الجبين المتعرق من الكد نفّ مطر جاء مباغتاً ومشاغباً، تدخلها بالبسملة، وبأي الحمد أن تبقى العافية هي التي تقودك، ولا تريدها أن تخذلك أو تعثر القدم المكسورة، والتي صبرت معك ومع شغف تجوالك، وتعب نهارات المسافات الذي لا ينتهي، بورصة.. تلك مدينة غسلت بالنور، لذا هي تشعرك بقيمة أن تحمل على ظهرك ثقلاً من ماض مجيد، تدخلها فتلقي عليك فجأة عباءة من دفئها، ولا تحرمك من أنسها، ولا من معنى السلام المبتغى من النفس وللنفس، ومجاورة ظلها، تلك مدينة استثنائية قصدها وتوقف عندها كثيرون، وعبر عصور ودهور، بعضهم كان ربما يحمل الشجن نفسه، بعضهم في طريق منفاه الأخير، كذلك الأمير الجزائري، بعضهم كالسلطان بايزيد الأول الذي أقسم أن يعمر في بورصة عشرين مسجداً أن انتصر في معركة «نيكوبوليس» على الصليبيين، وبعد انتصاره، خرج له أحد وعاظ السلاطين، وأجاز له بفتوى أن يبني مسجداً بعشرين قبة، كفّارة نذره وقسمه، هو اليوم أكبر مساجدها، ورمز من رموزها، وقد بناه بالكامل من الأموال التي غنمها من تلك المعركة، بعضهم الآخر ربما استوطن تربتها ليدفن فيها أيامه، وكثيراً من أحلامه، تعدد زوّار المدينة والقصد والمقاصد كثيرة، والمدينة على عهدها ظللت سلاطين وغرباء وأتقياء وأغنياء.

في محطات العمر، ومفاصله، وطرق تقاطعه، كانت هناك مثل تلك الرحلات التي لا تشد لها غير طوق النجاة، تاركاً الأبواب تتصافق، والصدور تغلي غلي القدور، تريد الفوز بالطُهر، وجميل فعل الخير، وتلك السماحة الهاربة من وعن الكثير، لأنها الوحيدة الجالبة للعين نوماً دون تقلب، ودون اقتتال شياطين النفس في تلك الظلمة الزرقاء الغارق فيها لوحدك.

المصدر : جريدة الاتحاد

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 2 تذكرة وحقيبة سفر 2



GMT 13:47 2018 الأحد ,02 أيلول / سبتمبر

العودة للمدارس

GMT 13:47 2018 الأحد ,02 أيلول / سبتمبر

هلا.. بالمدارس

GMT 13:45 2018 الأحد ,02 أيلول / سبتمبر

لأمهات الشهداء.. ألف.. ألف تحية

GMT 13:44 2018 الأحد ,02 أيلول / سبتمبر

وقل "ليتني شمعة في الظلام"!

GMT 13:17 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك ظروف جيدة خلال هذا الشهر

GMT 18:02 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

برابوس تكشف عن "مرسيدس E63 AMG" بقوة 789 حصان

GMT 00:59 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حبوب البن تقي الجسم من أمراض كثيرة

GMT 15:06 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

طُرق بسيطة بشأن تحويل حديقة صغيرة إلى أخرى مُميَّزة

GMT 09:16 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

مطاعم مراكش بديكوراتها الجديدة تستضيف العام الجديد 2016

GMT 10:48 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حاكم الشارقة يفتتح أعمال "الاتحاد العربي للنقل الجوي"

GMT 08:22 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

لاعبة ترفض الوقوف حدادا على مارادونا بسبب "أفعاله"

GMT 18:44 2020 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

مصر.. اقتراح قانون في البرلمان لتجريم زواج القاصرات

GMT 14:04 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الرئيس الجزائري يُقيل رئيس "سوناطراك"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates