تذكرة وحقيبة سفر 1

تذكرة.. وحقيبة سفر -1-

تذكرة.. وحقيبة سفر -1-

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 1

بقلم : ناصر الظاهري

تغيرت علينا أوروبا الشرقية بعد انهيار الشيوعية، وانتهاء حقبة الحزب الحاكم الواحد، وتفكك الاتحاد السوفيتي الذي كان يقود بلدان هذه الكتلة فكرياً، ومنهجياً، وله موطئ قدم لحذاء جنديه في الجيش الأحمر في كل مكان، اليوم هناك تغييرات في كل شيء، بما فيها الإنسان وأخلاقياته، لأن بعض القيم تغيرت، ودخلت مفاهيم وسلوكيات جديدة، وعرف مواطن أوروبا الشرقية معنى آخر للحياة، وألواناً زاهية فيها، بعد أن أدخله الاتحاد الأوروبي ضمن جناحه، فارضاً عليه التأهيل والأدلجة، ونبذ الفكر القديم، بعيداً عن معنى الاستهلاك، والرفاهية، والاكتفاء بمستلزمات وضروريات الإنسان «الثوري»، والانصياع الأعمى للقيادة المركزية للحزب!

أتذكر.. أيام أوروبا الشرقية الخوالي، يوم ما كانت علبة السيجارة الأميركية الحمراء تعمل العجب، أقلها أن تطأ بقدمك المرتجفة سجادة حمراء، بعيدة عن شواربك بقدر نجمة معلقة في السماء، ويوم أن كانت العلكة تسهل كل أمر، خاصة عند نون النسوة، وأخواتها، وزجاجة العطر، ولو كان رخيصاً، ولا يصلح أن يكون كولونيا لما بعد الحلاقة، لكنه كان يفرح قلب «نتاشا وأنوشكا» وإيجار الفيلا الفخمة بمائة وخمسين دولاراً في اليوم، من تلك الفيلل المحاطة بالأشجار المثمرة، والحدائق الغناء، وفيها مسابح تضحك للقادم، مثل تلك التي نراها في المجلات الإنجليزية، يوم أن اشتريت سطل عسل نحل نقياً من جبال سراييفو بـ 30 دولاراً تقريباً، والعجوز ما زالت تودعني بنظرات الشكر، غير مستخسرة ذاك الذي أعطتني إياه، وكأنه لابنها، أيام كنا نلف

يوغوسلافيا بجمهورياتها الست، والجيب لا يشتكي من عوز أو حاجة، صحيح لم يكونوا يعترفون كثيراً ببطاقات الائتمان، وربما لا يصدقونك، معتقدين أنك تضحك عليهم، تأخذ بضاعتهم، وتعطيهم ورقة بقدر لسان القط الشارف الهرم، مذيلة بتوقيعك، ما أحلى توقيعك إن لقوا بعد بيعة ربما هي كل الكد والتعب والصبر والربح، الهواء وقبض الريح، أيام كنا نقول إننا ذاهبون لمدة أسبوع، وإذا بأسبوعهم غير أسبوعنا، أسبوعهم هناك مختلف، ومدته خمسة وثلاثون يوماً.
في تلك الأيام الجميلة الخوالي والتي لن ترجع لا لنا نحن السياح الدائمين، والذين نظل نوازن بتقتيرنا بين المصروف من المال، والمتبقي من الأيام، ونظل نبحث عن أرخص الأشياء، لكي لا يغلبنا بائع أو يضحك علينا دلاّل، تلك الأيام ربما لا يتمنى رجوعها أهالي بلدان أوروبا الشرقية أنفسهم، لأنها تذكّرهم بالكد دون فائدة، والعمل المضني دون تملك، وبحقبة من الحكم الشمولي، والتبعية الحزبية، والعسكرية، للدب الروسي الكبير، تذكّرهم بحروب كانت خاسرة، ورهانات ضائعة، وطاقات من زهور الأوطان غابت في السجون، والمنافي الباردة، وكانت صيداً سهلاً لزوّار الفجر، وآلاتهم الحديدية القاطعة!

وغداً نكمل..

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 1 تذكرة وحقيبة سفر 1



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 19:17 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 18:59 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

"حقيبة الأبط" تتربع على عرش موضة خريف وشتاء 2018

GMT 01:19 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

محمد رشاد ومي حلمي يتفقان على إتمام حفل الزفاف

GMT 20:07 2015 الثلاثاء ,07 تموز / يوليو

شركة "سامسونغ" تطلق غالاكسي في بلس" في ماليزيا

GMT 15:47 2014 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

شركة Xolo تطلق هاتفها الذكي متوسط المواصفات Opus 3

GMT 18:19 2013 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

ترجمة لکتاب صید الخروف البري لهاروکي موراکامي

GMT 10:07 2018 الخميس ,11 كانون الثاني / يناير

استبعاد ياسمين صبري من مسلسل ظافر العابدين

GMT 12:50 2013 الجمعة ,04 كانون الثاني / يناير

إعادة طبع رواية "التراس" في حلة جديدة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates