تذكرة وحقيبة سفر 1

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 1

بقلم : ناصر الظاهري

تطرأ عليّ هواجس من الحنين الذي لا يتوقف تجاه بعض الأماكن والمدن والأشخاص الذين عرفتهم في طريق الحياة، خاصة أولئك اللواتي كنّ يزخرفن الحياة، ويجعلن إشراقة اليوم مختلفة بألوانها، كنت أهجس بيني وبين النفس التي علمتني الحب، وكانت أمّارة عليه على الدوام، أن أترافق مع تلك الصبية التي تكبر كل يوم، والتي أحب أن استأمنها على مخابئ القلب، وما تحمل ثنايا الروح من أشياء، فقط لتحفظها لأطول وقت ممكن، ولتكن حيّة فيها بعد مضي الأجل، علها تجعل من طريقها أسهل، ومداه أرحب، ولعلها تقبض على صدق الإنسانية، ومعنى التسامح، وكيف يعرف أن يعيش الإنسان سعيداً، نترافق.. حاملاً باقات من ورد وزهر لأولئك اللاتي كن يحببنها في وقتهن، ووقتي الذي مضى، لا أريد شيئاً، فقط.. أطرق بابهن طرقتين، وأقول لهن شكراً، وهذه باقة ورد أخيرة لها من الاعتذار الكثير، وفيها من ذكر المعروف الكثير.

في باريس كنت أقود تلك الصبية، ونتبادل الظل في الشارع كلعبة أحبتها منذ تعلمت المشي، ومنذ تعلقت بها كابنة، وأريدها أكثر من ذاك، لا أدري هل يمكنها أن تتحمل ثقل ما أعرف، وحمل ما عرفت؟ هل يمكنها أن تعي معنى الأمكنة، وما تفعل بالإنسان المنشد للحياة؟ هل يمكنها أن تشعر بكل ذلك الدفء، وتلك الطمأنينة التي تتسرب داخل النفس، واليوم لا أقدر عليها وحدي؟ من أين نبدأ أيتها الصبية؟ والحكاية طويلة، ووالدك يريد أن يلقي عن كاهله، ومرة واحدة، أعباء من الحب والحنين والصداقات والهزائم وسنوات من الوجد والود، ومعارف شتى، ترى هل ستحبين المدن مثله؟ وهل ستنطّقين جدران الأمكنة، وما توحي به بعض الوجوه؟ هل سيعني لك ذلك العجوز بائع الورد شيئاً، وهو الساكن جنته، والماضي بالسنين للأمام محاولاً تعدي الثمانين، دون أن يكل أو يسأم؟ هل ستحنين على موسيقّيي الشوارع المستجدين بنغماتهم رنّة الفلس المعدني من سياح يسافرون ببخلهم التاريخي، ويحبون أن يصوروا أولئك المغنين المخلصين للشوارع، وكأنهم طيور ظلت أعشاشها، وهامت على وجوهها، بحثاً عن نغم شرود؟ هل ستتوقفين حين تسمعين صرير أضلع سكير الحي من قسوة البرد، وجرح الحياة، وأنه لا يحمل الأذى إلا لنفسه المنذورة للطرقات؟ هذا المنزل الصغير الجميل، ياه يا أروى كم كانت شرفاته فرحة بالربيع، ومطر الخريف، والمساءات التي تأتي بعد الغيم، وشهقة قهوة الصباح، وذاك الكسل التأملي، وهذه المكتبة القديمة، كان أبوك يتسمر أمام عناوين الكتب فيها، وكانت تسكره رائحة الورق العتيق، وكان يطمئن على صاحبها العجوز، كلما غاب وعاد؟ كان يخشى عليها أن يلتهمها جشع الزمن، وتلك النفوس الرخوة تجاه الثمين والنبيل، وتتحول بفعل ورثة مستعجلين إلى «بوتيك» للملابس الصينية الرخيصة أو لمطعم يبعث برائحة الزيت المقلي لزاوية الشارع المخضّر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 1 تذكرة وحقيبة سفر 1



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 14:18 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

خميسيات

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان
 صوت الإمارات - عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 08:03 2013 الجمعة ,23 آب / أغسطس

نظافة المدرسة من نظافة الطلاب والمدرسين

GMT 09:10 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير البيئة والمياه يكرّم مصمم لعبة "أبحر"

GMT 19:20 2013 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

القبض على أسقف في الفاتيكان بتهمة الاختلاس

GMT 19:06 2013 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

علمى طفلك كيف يتصرف بطريقة جيدة

GMT 19:23 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

مطالبات في بريطانيا بحظر بيع هواتف محمولة بحجم أصبع اليد

GMT 08:44 2015 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

الإضاءة المناسبة للتغلب على ضيق المساحات

GMT 08:11 2019 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

أبرز صيحات الحقائب من أسبوع الموضة في ميلانو لخريف 2019

GMT 02:02 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

جزر الكناري تخفض أسعارها للرحلات الشتوية

GMT 02:50 2019 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

الاتّكالُ على أميركا رهانٌ مُقلِق
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates