همهمات يضيق بها الصدر

همهمات يضيق بها الصدر

همهمات يضيق بها الصدر

 صوت الإمارات -

همهمات يضيق بها الصدر

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

حين تهاجمك تلك الهمهمات الخارجة من الصدر، بذلك الضيق الذي يثقل يوم الصبي الفرح بشقاوة العمر.. المسافر في غيّه، وبقايا وقته، وإثمه، المتوحد بهمه الطاغي وحريق عمره، ذلك الذي كانت غايته ظل شجرة تتعرق بالندى، تلم خطواته المتعثرة، وأحلام المدى، يرقد تحت نخلته متوسداً عافيته، وما يرجعه صوت الصدى، أو يضمه كرسي في حديقة خريفية يجري من تحته ورق تسحبه ريح السُدى، يستدعي متى شاء سِنة من النوم أو هدمة الكرى.
***
كان يعرف كيف يجعل من صبحه خرزة زرقاء في عيون المهرولين الساعين بضجيجهم وضجرهم وكِبرهم وخسائر السنين، كان يعرف حين يباغت المطر مدينته، كيف يحتفي بالطين، ويعرف كيف يغدو كطائر يزاغيه الشوق، ودقات الفرح، والحنين، كان يعرف أن تزحف سنة جديدة على الأكتاف، ولا يلين، تثقل أيامه التي تنازعتها المدن والنساء والسفر والقدم اليمين، كان يعرف نبل سير الخطوات في دروب العناء، ونبل أن يعضّد صديقاً أو غريباً أو يسكن في دمع عينٍ حزين.
***
كان يصنع من كلماته الخارجة من الصدر مراكب للعاثرين، كان يعرف اللوم، ومتى يصدّق الآخرين، غير أنها روح الطفل التي لا تفارقه، ضحكته التي تستلبسه، وترافقه، ذاهبة به هناك.. في العالم وهنا.. في الوطن والناس الطيبين.
***
كان يعرف الصمت في زمن التيه، وهزائم العصر، كان يعرف الصبر والخُسر، وما لا يجبر الكسر، غير أنها وصايا الرجل الغائب حول العنق، ونقشاً في الصدر، ذاك الذي قال له مرة: اذهب.. ثم إياك.. إياك!
فدتك الأماني والأغاني، وما تبقى من حرف، وقلم، وبيان سحر، كان يعرف ثمن بياض الثوب، والكف، وفروسية العمر، كان يعرف الخير، وما ترتجيه الفضيلة من مهر، غير أنها دعوات المرأة الصابرة، القابضة على الجمر، تلك التي تفعل ضحكتها الرطبة فيه، يفديها بالذي يقدر، ولا يقدر، لتبقى تاجاً من الجميل، وغاراً من الظَفَر، يا آه.. كم يفتقدها الآن، ويفتقد رائحة دفئها، وعطر طيبها.
***
في صباحه اليوم.. لا ينشد غير الصفاء، وميزة كانت لصيقة بالأصدقاء، ولا يحلم إلا أن يظل يتعكز على خطوات الصبي ذاك، تسبقه الفرحة والبسملة، لا يريد إلا أن تبقى الحياة مثل شذا زنبقة أو كطلع السنبلة.
***
أيها النبلاء في الدنيا.. صباحكم كله عطر، وحب، وورد أكثر.. أيها النبلاء في جهات العالم.. تلك كانت غنائية ذاك الصبي في فصوله الأربعة، والذي لا يحب أن يكبر! رغم تعب السنين التي تجعل همهمات صدره، تضيق عليه وبه، وفي ساعة في المساء، يأتيه صوت ينتظره، وحده الذي يمكن أن يهدئ نفسه المثقلة بعفرة تعب النهار، وضجر أول الليل، وبكلمة واحدة: «اشحالك الغالي»؟ 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

همهمات يضيق بها الصدر همهمات يضيق بها الصدر



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 03:31 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
 صوت الإمارات - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 03:47 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
 صوت الإمارات - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 03:37 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
 صوت الإمارات - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:34 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تتهرب من تحمل المسؤولية

GMT 15:30 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

إعصار الهند وسريلانكا يحصد مزيداً من القتلى

GMT 18:33 2018 السبت ,17 شباط / فبراير

"شقة عم نجيب" تُعيد هبة توفيق إلى خشبة المسرح

GMT 10:31 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

فورد F-150 تحصل على محرك ديزل لأول مرة

GMT 05:57 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

أحمد خالد أمين يوضح أن هنادي مهنا أول مولودة له كمخرج

GMT 06:17 2013 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

صدور رواية "دروب الفقدان"للقاص عبد الله صخي

GMT 14:11 2013 الثلاثاء ,26 شباط / فبراير

" ميّال" رواية جديدة للروائي السعودي عبدالله ثابت

GMT 20:20 2014 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

صدور كتاب "الأمير عبدالله بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود"

GMT 21:49 2013 الأربعاء ,15 أيار / مايو

ورزازات عاصمة السينما وهوليود المغرب

GMT 21:45 2014 الجمعة ,24 تشرين الأول / أكتوبر

"جاليري" المرخية ينظم معرضًا فنيًا الثلاثاء في "كتارا"

GMT 03:14 2021 الثلاثاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

تطوير علاج عن طريق الفم لكورونا ينتظر الموافقة عليه

GMT 07:35 2020 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

تقارير تكشف أن الذئاب تستعد لغزو "العالم المتقدم"

GMT 01:10 2019 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

طيران الإمارات تتوقع 5 ملايين مسافر في 18 يومًا

GMT 13:07 2019 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

صابرين تروي قصة فشلها في تأسيس وإدارة المشروعات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates