بقلم : ناصر الظاهري
* بعض البلدان لديهم فوضى يعرفونها وحدهم، ويستطيعون أن يدبروا أنفسهم، فلا تحاول إصلاحهم لأنك ستربكهم، وستعطل انسيابيتهم التي لا يعرفها أحد غيرهم، هؤلاء الشعوب لهم طريقتهم التي لا تعتمد على الاصطفاف والطابور ولو سمحت، وهذا تصرف غير حضاري، ومن تلك الكلمات التي عادة ما يسمعونها في تمثيليات تلفزيونات بلدانهم، ولا يستوعبونها كثيراً، لأنهم يعتقدون أنها لأبطال المسلسلات، الغريب أن هؤلاء إذا ما سافروا بلاداً أخرى متقدمة، تجدهم ضائعين، وهائمين، وملتزمين أو على الأقل مطاوعين، ويخافون أن يردعهم المواطن الأوروبي، أما في ملاعبهم، فـ«خوز» عنهم، والأغرب أنهم ينهون مصالحهم، وأنت ما تزال فاغراً فمك تريد أن تفهم!
* يعني في مطارات البلدان المنكوبة، تلقى واحداً قصيراً في المطار، لا تعرف ما هي شغلته بالضبط؟ ولماذا يوجد في المطار بشكل دائم؟ لكنه عند الحاجة تجده، وعند القبض تجده، إن كان وزن حقيبتك زائداً يتصرف بمنتهى السرعة، وهو يبتسم لك ابتسامة المنتصر، بسلام حار على ضابط الجمارك، يمكنه أن يسلّك حقائب العائلة التي تشبه شنط الحجاج في كبرها وثقلها، هذا القصير، عميد المطار، تجده يعامل المسافرين بنفس درجة الأهمية، وعلى قدم المساواة، حتى يملأ يده، ويعدّها بعينه في غفلة وسرعة، بعدها وحينما يقنع، إما يودعك بحرارة كاذبة أو يرافقك حتى بوابة المغادرة، هذا القصير البصير، حَلاّل المشاكل، تجده دائماً يفهم أشياء كثيرة في الحياة كانت غائبة عنك، وصعب أن تفطن لها بسهولة!
* بتخبركم.. أنتم «شرواتي» وإلا، بصراحة أشوف في هالدنيا أمهات أغوى من بناتهن، و«بطرانات» على وصف جيل الستين، خاصة إن ضربت بذاك البرقع، وفاح منها ذاك الخنين، واتقت سترها بشيلتها، وسمعت ذيك الرمسة الغاوية، مثل رطبة هامدة، فتتذكر خلان الزمان، ويوم تشوفهن عدال بناتهن، تقول:
«يا سلام على وطرٍ يابكن.. والله مب العوض»!
* بصراحة.. ما تاوي إلا على مصاعد الفنادق التي لا تتوقف للراحة، خاصة حينما يأتي مع العائلة طفلها السمين، والذي لا تعرف متى سيتوقف عن النمو، ويظل «يشالي» وإلا طالع، وإلا نازل، وإلا أخوه الصغير النحيس، يخطف على كل الطوابق، ويجعل كل أزرار الطوابق تلاظي، وَيَا وَيْل المستعجل، من أصحاب الحقائب الجلدية السوداء، والذي فارك شعره بـ«جل» ذاك الصباح، ويوهم الآخرين أنه على عجلة من أمره، لأن صفقة تنتظر توقيعه، والذي سيضطر أن يتأفف عند التوقف في كل طابق!