طروس الصدق وطلوس ما يصدقون

طروس الصدق وطلوس ما يصدقون

طروس الصدق وطلوس ما يصدقون

 صوت الإمارات -

طروس الصدق وطلوس ما يصدقون

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

الأصدقاء الذين يخفق القلب للقائهم، ويتوهج العقل والفكر في حوارهم، والذين لا غنى عنهم، هم وحدهم زوّادة للروح والنفس في هذه الحياة الموحشة، قد يكون للإنسان علاقات متعددة توجدها له صلة الرحم والدم، وقد يكون في هذه العلاقات ودّ وتوازن وإخلاص، لكنها في المحصلة علاقات مفروضة، لا اختيار للإنسان فيها، بعكس علاقة الصداقة التي تقوم على انسجام فكري وعقلي ونفسي، وترتكز على حرية الاختيار والنظرة المتكاملة للحياة، وهي ذات وجه واحد بعيداً عن الازدواجية، يعيش فيها الإنسان حالة حقيقية مع نفسه ومع صديقه.. هي طروس كتبت وطلوس محيت، وكتبت، قد يجد كل صديق حقيقي نفسه فيها، وقد يرى الصديق الموارب على صداقته وحبه، نبض بقايا روحه من خلالها.
رب أخ لك لم تلده أمك، غير أن هناك من يصنف الناس فقط: إما أصدقاء أو أعداء، لكنه ينسى «الأعدقاء» الذين هم أكثر سماً من الأعداء أنفسهم.
اللهم احمني من أصدقائي، أما أعدائي فأنا كفيل بهم، هكذا قال حكيم مرة، لكن في عصر المصالح والارتباطات المادية، أصبحت الفروسية والشهامة والصدق مواصفات بعيدة عن الواقعية.. قريبة إلى التحف والأيقونات المقدسة.
في هذا العصر يا صديقي.. قلّ فيه الصديق، وغدت الصداقة عملة بائرة، وبدت مواصفاتها الجديدة ترتكز على نفاق الموافقة الدائم، بعيداً عن العراقة وأقرب إلى المجاملة، وأصبحت مقولة «صديقك من صَدَقك، لا من صدّقك» مثار جدل وتوتر، فالمطلوب قليلاً من التجمل.. كثيراً من الكذب، ليفرح الصديقان بصورتهما المغبشة في المرآة المشروخة، أما من يريد التمسك بصراحته وضراوته للحفاظ على صداقته، ويصدّق صديقه، ويطلق عفويته فهو حاد ومتطرف، وبعيد عن اللباقة والكياسة وزمن اللطافة.
أيها الصديق.. إن فوران العواطف العفوية وإن حملت نتائج سلبية، فهي في المحصلة حقيقية لا لبس فيها، وهي أفضل بكثير من علاقات العمائم التي تلبس لكل وقت، ولكل أذان حلته، لكن المحزن أن بعض الأصدقاء الذين ما زالوا أصدقاء - رغم أنف العديدين- يرون في صراحتك تجهماً، وبوضع أصبعك على الجرح تدخلاً، وبعواطفك الحادة انفعالاً، فيا صديقي.. إذا فقدت صراحتي وتدخلي وعواطفي، فماذا يبقى من صداقتي؟! أقول لك قولاً حقاً، إنني أؤثر أن يكون لي صديق واحد، أفرغ في أذنيه أفراحي وأتراحي، من أن أظفر بألف صديق يسألني كيف الصحة؟! مثلما يسألني آخر كم الساعة الآن؟ أنا لا أريد تغيير الكون، لكنني لا أستطيع أن أعبّر عن حقيقة غير حقيقتي- وعندما أستطيع ذلك- أكون أنا ليس بأنا!
ختاماً يا صديقي العزيز.. أقول لك بكل الحب: لا الفضائل ولا الرذائل ولا الثقة ولا الصداقة تقبل التجزئة، فليس في الدنيا نصف شريف أو ربع شجاع أو ثلث كاذب أو سدس لص·
مع محبتي.. ولتدم صداقة الطُهر والبراءة وتقاسم الأشياء بحلوها ومرّها، لأننا نعيش في حياة فوقها سماء، وتحتها تراب، وخذ قبلة العتاب لا الوداع، وأسلم دائماً.. وأبداً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طروس الصدق وطلوس ما يصدقون طروس الصدق وطلوس ما يصدقون



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 03:31 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
 صوت الإمارات - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 03:47 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
 صوت الإمارات - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 03:37 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
 صوت الإمارات - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:34 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تتهرب من تحمل المسؤولية

GMT 15:30 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

إعصار الهند وسريلانكا يحصد مزيداً من القتلى

GMT 18:33 2018 السبت ,17 شباط / فبراير

"شقة عم نجيب" تُعيد هبة توفيق إلى خشبة المسرح

GMT 10:31 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

فورد F-150 تحصل على محرك ديزل لأول مرة

GMT 05:57 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

أحمد خالد أمين يوضح أن هنادي مهنا أول مولودة له كمخرج

GMT 06:17 2013 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

صدور رواية "دروب الفقدان"للقاص عبد الله صخي

GMT 14:11 2013 الثلاثاء ,26 شباط / فبراير

" ميّال" رواية جديدة للروائي السعودي عبدالله ثابت

GMT 20:20 2014 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

صدور كتاب "الأمير عبدالله بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود"

GMT 21:49 2013 الأربعاء ,15 أيار / مايو

ورزازات عاصمة السينما وهوليود المغرب

GMT 21:45 2014 الجمعة ,24 تشرين الأول / أكتوبر

"جاليري" المرخية ينظم معرضًا فنيًا الثلاثاء في "كتارا"

GMT 03:14 2021 الثلاثاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

تطوير علاج عن طريق الفم لكورونا ينتظر الموافقة عليه

GMT 07:35 2020 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

تقارير تكشف أن الذئاب تستعد لغزو "العالم المتقدم"

GMT 01:10 2019 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

طيران الإمارات تتوقع 5 ملايين مسافر في 18 يومًا

GMT 13:07 2019 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

صابرين تروي قصة فشلها في تأسيس وإدارة المشروعات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates