بقلم - ناصر الظاهري
لا أدري لِمَ لا يختار الناس خلفيات مريحة لصور مناسباتهم الغالية، حيث تجدهم في الأعراس أو المناسبات العائلية يصورون عمارهم تحت ثلاث مكيفات «سبليت يونيت» في تلك الخيمة الحارّة رغم هدير تلك المكيفات أو تجدهم يتصورون عدال دروازة المجلس البنية الغامقة، ابتعدوا شوي.. علمونا أساتذتنا في التصوير الفوتوغرافي: احذروا تصوروا شخصاً وراءه شجرة؛ لأنها ستظهر وكأنها خارجة من شعر رأسه أو عمود خلفه؛ لأنه سيظهر وكأنه معلق على المشنقة، الخلفيات مهمة لكي تظهر الصورة أجمل، أما وخلفك مكيف «سبليت يونيت»، فأي جمال وأي ذكريات ستدوم!
- من أسمع واحداً يقول، وهو يدلل على بضاعته: بسم الله ما شاء الله، اللهم صلّ على محمد، أعرف أنه في غش وتدليس، وأنه يريد أن يبيع بضاعته الكاسدة، مشفوعة بذكر الحبيب، واحد يبيع لحم ودواجن، وواحد يروّج لملابس رياضية، وواحدة تعلن عن مضارب عطر ودخون ومعمول، وواحد راعي مطعم يبدي إعجابه بما صنع وما يعرض، داخلاً على الناس من زاوية الإيمان، وتطمين نفوسهم، الكل اليوم أصبح يبدع مرتدياً عباءة تقوى وصلاح ليمرر من خلالها بضاعته، ولا تهمنا إن كانت كاسدة أو فاسدة أو صالحة، لِمَ نحن من دون شعوب العالم، وأصحاب الديانات الأخرى الذين لا يدخلون رسلهم أو أنبياءهم مطلقاً فيما يعرضون ويقدمون أو يبيعون ويروجون وحتى يغشّون أو يدلسون!
- ما يواحي لك تزور أحد الفروع، بعد ان عجزت الأصول عن حل طلبك بورقة تفيد مثلاً برقم حسابك في البنك، والتي هي أبسط الأشياء، ويمكن أن تطلبها من خلال هاتفك، لأنها دون تحمل أي مسؤولية تجاه الغير، ولأننا في عصر الحكومة الإلكترونية، فتصرّ الجهات المعنية أن يروا وجهك الصبوح، وإذا ما كنت ملتزماً، ولابساً كمامة، فتقوم بعد أن تعجز محاولاتك الإلكترونية بزيارة أقرب فرع لهم، وما تكاد تخرج من ذلك الفرع حتى يقوم الأصل ببعث رسائل إلكترونية طلباً منك تقويم هذه الزيارة، وإذا كانت فاعلة وناجحة، وهو كل ما في الأمر أنهم أعطوك ورقة تفيد أن حسابك المصرفي مثلاً رقمه كذا، في بنك كذا، بعد زيارتك الميدانية، ترى ما هي تلك الخدمة الجليلة التي دفعت أنت منها الوقت والجهد وهز الطول وأخذ ورقة معاملة من لسان تلك الآلة التي تفلح أوراقاً أشبه بلسان الطير، ثم الجلوس على كرسي متباعد، منتظراً المثول بين يدي موظف متثائب من خلف الكمامة، ثم يقضي نصف ساعة ويزيد ليعطيك ورقة كان يمكن أن يرسلوها إلكترونياً مع الشكر، ويمكنك بعدها وضع درجة قصوى للرضا، وتقييم فعلي لخدمة الجمهور، مشكلتنا الأساسية في المؤسسات أننا نقدم العربة أمام الحصان، وأننا نذهب القماط قبل الولد، ونريد مزيداً من الشكر والثناء ووضع «ايموجي» درج الرَضّا والسعادة المطلقة بتلك الابتسامة الباهتة!