غارقون في محليتهم

غارقون في محليتهم

غارقون في محليتهم

 صوت الإمارات -

غارقون في محليتهم

بقلم - ناصر الظاهري

بعض الشعوب لا يستطيع أن يتخلص من محليته التي تصل إلى حد الشوفينية العمياء، وإلى حد عدم الموضوعية المقاربة للجهل، وحد ارتكاب أخطاء لا يقبلها العصر، ولا تستوعبها إلا عقولهم الصغيرة، فهم لا يحبون أن يسمعوا إلا أصواتهم.

فَلَو تحدّثت عن «الليمون السنغالي»، فسيتدخل هؤلاء السذج، من دون أن يعرفوا السنغال بحق، أو إن كانت تنتج الليمون أصلاً، ولكنهم سيزكون بلدهم كأفضل منتج، ومدر لليمون، ومشتقاته، ولو مجّدت الطحالب البحرية، وأن مالطا هي الأفضل في ذلك على مستوى دول البحر الأبيض المتوسط، فسيدسون رؤوسهم بين الرؤوس، وسيضربون بالصوت العالي، على أساس أن الصوت العالي نصف الحقيقة، ويصرخون أن أساس تكوّن الطحالب البحرية في الأساس، نشأ في بحرهم البعيد عن البحر الأبيض المتوسط، ومع الهجرات الموسمية،

استقر في مالطا الصغيرة، ليس لسبب، بل نكاية في مالطا البعيدة عنهم، والتي لا يهمها الموضوع كثيراً، ولا تعني لها الطحالب البحرية شيئاً، ونكاية في السنغال التي لا تضمر لهم شراً بالتأكيد، ولا تدري عن الموضوع من أساسه، ولا داخل في حساباتها الاستراتيجية، والويل لك إن قلت إن الأسمنت الجزائري هو الأفضل عالمياً، فكل مكائنهم وخلاطاتهم «ردي ميكس» ستشتغل ضدك، وستعدك من المغرضين الضالين.

المشكلة ليست القضية بين أفراد، ومستويات اجتماعية عادية، ولكنها تصعد إلى مستويات النخبة ومستوى القائمين على وسائل الإعلام، وتصبح نهجاً اجتماعياً سائداً، ولا يحاول أحد تصحيح هذا النهج، بل يكرّس على كافة المستويات، وتضاف له تجاربهم التراكمية الفاشلة، فقد حضرت أكثر من ملتقى عالمي، كانت نتائجه مختلفة عما أظهرته بعض وسائل الإعلام في تلك البلدان المنطوية على محليتها غير الحميدة، فالمحلية حميدة، وجيد أن نعتد بها، وننطلق منها للعالم، ونصدرها للخارج،

ولكن تلك المحلية المبنية على أسس وقواعد متينة من الثقة والمعرفة والاعتراف بالآخر، وجهده، واحترام خصوصيته، وتقدير عمله، وحظه من الحياة، وليت الأمر يتوقف عند هذا الحد، بل هناك ثمّة كذب وافتراء ومجافاة للحقيقة، قد تصدم ما تنشره وسائل الاتصال عن حدث ما، وكأنك لم تكن هناك، ولا كانت أحداث ولا شهود، وإذ بحدث وأسماء تخص محليتهم، وليس لديها مكان من الإعراب، تتصدر العناوين، وتخلق لها قصصاً، والويل للجميع إن خرجوا خالي الوفاض من ذلك الملتقى من دون جوائز وشهادات تميز، حينها ستتحول آلات الحرث والتمجيد إلى آلات الحصد والتعليل.

تمجيد الذات شيء ليس بالسيئ، ولكن المغالاة فيه، والحط من قدر الآخر، ومحاولة تجاهل جهد الآخر، هو الأمر السيئ، والذي هو معول هدم النفس، وطمس إشعاعها، وجعلها تدور في فلك نفسها، معتقدة أنها محور العالم، وأنها الذات المقدّسة، وأنها المبتدأ والمنتهى، وأنها تطرب لسماع صدى صوتها، ولو كان في خرائب الزمن، لكن حسب توقيتهم المحلي!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غارقون في محليتهم غارقون في محليتهم



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:17 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك ظروف جيدة خلال هذا الشهر

GMT 18:02 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

برابوس تكشف عن "مرسيدس E63 AMG" بقوة 789 حصان

GMT 00:59 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حبوب البن تقي الجسم من أمراض كثيرة

GMT 15:06 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

طُرق بسيطة بشأن تحويل حديقة صغيرة إلى أخرى مُميَّزة

GMT 09:16 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

مطاعم مراكش بديكوراتها الجديدة تستضيف العام الجديد 2016

GMT 10:48 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حاكم الشارقة يفتتح أعمال "الاتحاد العربي للنقل الجوي"

GMT 08:22 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

لاعبة ترفض الوقوف حدادا على مارادونا بسبب "أفعاله"

GMT 18:44 2020 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

مصر.. اقتراح قانون في البرلمان لتجريم زواج القاصرات

GMT 14:04 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الرئيس الجزائري يُقيل رئيس "سوناطراك"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates