تذكرة وحقيبة سفر 2

تذكرة وحقيبة سفر -2-

تذكرة وحقيبة سفر -2-

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 2

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

ميزة صديقنا صاحب الأحلام القاتلة أو أفلام الخيال العلمي، أن ذهنه دوماً يقظ، ويفلسف الأمور، ويربطها بالكون والطبيعة الإنسانية، كثير من هذه الأمور واضحة بالنسبة له، وأشياء كثيرة في الدنيا حسمها مبكراً، بلا رجعة ولا توبة، لكنه لا يترك عنه ذاك الخيال السابح كغمامة تظلل رأسه، مثلاً كأن تكون معه في رحلة جوية، بعد الانقضاء من إجراءات المطارات التي يكرهها حد الغثيان، مثل الذي يسحب جيفة، ودائماً ما يتمناها وإجراءاتها أن تكون مثل الركوب في حافلة عامة، المهم ما إن يرتخي قليلاً حتى تأتيه الوساوس فجأة، فيعمل للطائرة المتوجهة بحفظ الله وسلامته، بقيادة الكابتن «ماكنري» إلى مطار «هيثرو» عدة سيناريوهات، فلا يستبعد الخطف والإرهاب، لأن لندن تؤوي الإرهابيين وتعاملهم مثل أطفالها اليتامى، ولا يستبعد الأعطال الفنية، خاصة إذا كانت الطائرة مقلعة من مطارات دول فاسدة، ويحبون الـ «كاش موني»، حيث لا توجد مسؤولية تجاه الإنسان، ولا مساءلة قانونية تجاه الأخطاء، ولا يستبعد حتى الأخطاء الإنسانية التي يقع فيها الطيارون أنفسهم بعد ساعات طيران طويلة، إذ يشعرون بالملل والإحباط، وينهون مستقبلهم الوظيفي في الجو، حيث قضوا فيه أكثر من وجودهم على الأرض، مرات كثيرة يكون في مطعم فاخر، ويرى وجه نادل لا يرتاح له، فيشعر أنه تشاجر مع المدير مرات، ويعيش في ظل توتر عائلي، ويمر في الوقت نفسه بضائقة مالية، نتيجة متطلبات الزوجة، فيقوم النادل في ساعة جنون، ويلوث الطعام بأي ميكروب أو يلوث المشروب بقطرات من بوله الساخن، كل هذه الأمور يعدها من الممكنات، ومن تداعيات الضعف الإنساني، يكون في مقهى ويدخل واحد أصهب من سائقي الدراجات النارية ذات الصوت العالي، وزنده كله وشوم خضراء، وعاقد شعره مثل ذيل الفرس القزم، ورابط رأسه من غير وجع، ومثل هذا أكيد سكران من أول أمس، ويريد أن يتشاجر لعدوانية فيه ظاهرة، فيقوم ويكسر زجاجة ويهدد بها، ثم يتناول زجاجة ممتلئة ويرمي بها نحو رؤوس الزبائن الغافلين، وأول رأس مرشحة لسيل الدماء رأسه الحاسرة، والجاهزة باستمرار.
تمر إنجليزية لطيفة من الأوليات اللاتي يشبهن الريف الإنجليزي، بذلك الفستان الفضفاض المرسوم بالورود، ورائحة الصابون البرّي تتبعها، وهي تنزه كلبها المدلل على الرصيف، فيتخيل أنه كلب مسعور، ويمكن أن ينقض في سهوة من صاحبته التي تتمتع بمضغ العلكة على ربلة أو بطة رجله التي تشكو التشنج باستمرار، صديقنا لا يحب أن يمر بجانب بناية تحت الإنشاء، فلا يضمن ما يمكن أن يتساقط عليه منها، خاصة أن جل العمال لدينا غير مهرة، وآتين من بلدان مكتظة بالسكان، يعني «نفر واحد ناقص ما في مشكلة»، وأقلها أن ينفلت «الكرين» بما يحمل من خرسانة إسمنتية جاهزة الصنع عليه وحده، تماماً مثلما يخاف ويحلم من الخوف دائماً أن أحداً ما سيدس مخدرات في ثنايا حقيبته المسافرة معه، ولن يعرف ما يقول حينها، فقط بقي أن أسافر معه بعد وباء «كورونا» في إحدى السفرتين المؤجلتين، واحدة لأميركا اللاتينية، والأخرى إلى اليابان وكوريا، وأعرف هل زادت الأحلام القاتلة بعد الجائحة؟ وهل غذى «كوفيد - 19» خياله العلمي نحو الوفيات المجانية الوهمية، تحية لذلك الصديق اللابد الآن، والممتع في السفر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 2 تذكرة وحقيبة سفر 2



GMT 03:30 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 03:11 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 03:10 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 03:08 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 01:24 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 01:32 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

طالبات مواطنات يبتكرن جهازًا للوقاية من الحريق

GMT 05:07 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الفيصلي يقف على أعتاب لقب الدوري الأردني

GMT 08:12 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

اكتشفي أفكار مختلفة لتقديم اللحوم والبيض لطفلكِ الرضيع

GMT 04:05 2017 الثلاثاء ,25 إبريل / نيسان

فريق "العين" يتوّج بطلًا لخماسيات الصالات للصم

GMT 04:55 2020 الثلاثاء ,15 أيلول / سبتمبر

أحمد زاهر وإبنته ضيفا منى الشاذلي في «معكم» الجمعة

GMT 18:24 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مجوهرات "شوبارد"تمنح إطلالاتك لمسة من الفخامة

GMT 05:40 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

هبوط اضطراري لطائرة متوجهة من موسكو إلى دبي

GMT 22:49 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

منزل بريستون شرودر يجمع بين التّحف والحرف اليدوية العالمية

GMT 21:38 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد وخالد بن زايد يحضران أفراح الشامسي والظاهري بالعين

GMT 04:11 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ظهور القرش الحوتى "بهلول" في مرسى علم

GMT 00:56 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

تعرف على فوائد وأضرار الغاز الطبيعي للسيارات

GMT 00:14 2015 الثلاثاء ,03 آذار/ مارس

صيحة الدانتال لمسة جديدة للأحذية في ربيع 2015
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates