الفراشات لا تسخو بألوانها 1

الفراشات لا تسخو بألوانها -1-

الفراشات لا تسخو بألوانها -1-

 صوت الإمارات -

الفراشات لا تسخو بألوانها 1

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

من الهوايات الجميلة التي أحرص عليها في زيارتي للمدن التي تشتهر بعلاماتها التجارية الراقية ودورها الإبداعية، مثل: باريس وميلانو ولندن ومدريد ونيويورك وغيرها، زيارة دور الأزياء ومحالها المختلفة أو الحوانيت القديمة التي تضع تحت لافتتها التجارية سنة الإنشاء، وعادة ما تكون سنة 1881، قد لا يكون الهدف من الزيارة الشراء، ولكن متعة رؤية الأشياء المبتكرة، وخطوط الألوان هذا العام، وما هو الجديد الذي طرأ على الذوق العام. ربما عملي في المجلات لسنوات عزز هذه المتعة، وهذا الشغف، لذا تقلقني مسألة، ولا أدري لمَ لا ينتبه لها العالم، وخاصة البلدان المهتمة بتسيير الذوق العالم، مثل فرنسا وإيطاليا، وغيرهما من البلدان القادرة على الإبداع، وجديد الابتكار في المنتجات التي يستعملها الإنسان، بدءاً من الملبس، واللون، والموضة، وانتهاء بكل ما هو رفيع، وراقٍ في مفردات الإنسان اليومية: ساعات، نظارات، حقائب، أقلام، أحذية، وغيرها، لماذا يصمت العالم عن ما تقوم به الصين بالدرجة الأولى من تشويه الذوق العام؟ والسيطرة على أسواق الناس، بترخيص ثمن المنتج، وسوء المصنعية، وتعميم المبتكر، وتحطيم خصوصيته، واستسهال توفير الجديد من خلال التقليد، والمحاكاة، والتشبيه، وخلق الرديف السيئ له، والتي أعدّها منتجات غير صديقة للبيئة، وغير صالحة للاستعمال الآدمي.
الصين اليوم تحارب الذوق الرفيع الذي تقاتَل عليه مبتكرون، وموهوبون، وأناس تخطوا خيوط العبقرية لشيء من الجنون والغرائبية، وتنافست فيه مدارس، وبيوت أزياء، ودور عالمية منذ ما يزيد على مئتي عام، اهتمت بكل ما يميز الإنسان، ويعطي لحياته خصوصية وتفرداً، في الملبس والمركب، والمنزل، والمأكل، أشياء كثيرة يصنفها الناس فيما بعد بالذوق الراقي، والانتقاء الرفيع، وبالحس الجمالي، أشياء كثيرة تتراكم لتشكل الذوق العام، بدرجة أصلي، وتوقيع له ثمنه، لأنه متعوب عليه.
«شانيل» أعطت خطوطها لهذا الذوق العام، واستطاعت أن تشكله في مرحلة معينة، وعد يومها نبوغاً، وتفرداً، وأخذت طريقها في إضافة لمسات على حياة الناس بين الحين والآخر، «فيرساتشي» لا شك أنه استطاع أن يقلب الموازين، ويعطي للحياة ألواناً مبتكرة، وجريئة، ويرفع من ذائقة الناس، ويضفي شيئاً من مظهر الشبابية والمرح، «إيف سان لوران» حرّك خيوط وخطوط الحياة، وأعطى نفَساً حرّاً، وبريقاً، ودفئاً، والكثير غيرهم من إيطاليين غير عاديين، وفرنسيين ملهمين، وبعض الإسبان والألمان والإنجليز، ودخل مؤخراً اليابانيون بحذر، نظراً لما يتمتعون به من خصوصية مرهفة تجاه ثقافتهم، وإرثهم، وما يمكن أن يتقبله العالم منهم، مثل خطوط «كنزو»، وبشيء غير الإلكترونيات.
اليوم.. تتجاذب هذه الدور، وبيوت الموضة في كل جوانبها، وليس في الثياب والحقائب والأحذية فقط، فبعض من هذه الدور تصنع مقاعد الحمامات وإكسسواراتها، ومسكة قفل الباب، مثلما تنتج الستائر، ومفارش اليخوت، وأطقم الأكل، والكثير الذي لا يُحصى، وهي بخبراتها التي تمتد لمئات السنين، كدور الساعات السويسرية، تحاول أن تتحرك في منطقة ضيقة لتضفي اللمسات والتواقيع المتقنة، والمبتكرة على الأشياء بين الحين والآخر، فارضة اختياراتها كذائقة للناس، وتوجه الذوق الإنساني العام، مثلما فرض «لوي فيتون» ذائقته في تصنيع الحقائب، فغزا بها العالم.
مهمة الصين هي اليوم تكسير هذه القيود، وفرض موجوداتها الرخيصة، والخالية من الحس الرفيع، وسريعة الاستهلاك، وكثيرة العطب، وتصنيعها الجماعي، هذا غير التقليد والمحاكاة البشعة، في الاستيلاء على حقوق الملكية الفكرية، والتي تكلف أصحاب العلامات الأصلية خسائر في مبيعاتهم، وخسائر في جمع شبيهات علاماتهم لتحطيمها أمام محلاتهم الشهيرة، كطقس من الخسارات، والانتصار للعلامة الراقية، مثلما يفعل «كارتييه» كل عام!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفراشات لا تسخو بألوانها 1 الفراشات لا تسخو بألوانها 1



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 20:59 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

تطوير مادة موجودة في لعاب السحالي للكشف عن أورام البنكرياس

GMT 20:58 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

شرطة نيويورك تبحث عن رجل أضاع خاتم الخطوبة

GMT 09:44 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد بن سعيد يدشن " فندق ألوفت دبي ساوث " فى الامارات

GMT 23:20 2017 الجمعة ,22 كانون الأول / ديسمبر

محمد الشامسي جاهز للمشاركة مع الإمارات أمام عمان

GMT 01:40 2016 الجمعة ,14 تشرين الأول / أكتوبر

حمود سلطان يطالب برحيل المدرب الاماراتي مهدي علي

GMT 10:48 2021 الإثنين ,06 أيلول / سبتمبر

الطاولات الجانبية في الديكور لتزيين غرفة الجلوس

GMT 19:49 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

سيفاس سبور يكتسح قيصري سبور برباعية في الدوري التركي

GMT 00:03 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحالف معظم الكواكب لدعمك ومساعدتك في هذا الشهر

GMT 08:50 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شباب الأهلي يقهر عجمان بثلاثية في الدوري الإماراتي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates