بقلم - ناصر الظاهري
زمااااان.. حين كان يلعب منتخب كروي عربي، تجد كل الوطن العربي وراءه ويشجعونه، وقلوبهم عليه، ويتمنون له الفوز، ويتباهون به، وزمان.. لو جاء أي فنان وغنى في أي بلد عربي، تجد الجميع يصفق له، ويحرصون على حضوره وتكريمه لتشريفه، وزمان حين كانت مباراة محمد علي كلاي، كنت تجد سكان الوطن العربي خلفه، ويتابعونه، ويدعون له في صلاتهم أن يفوز، لأنه مسلم ويحبون أن ينتمي لهم، زمان.. نسمع باسم مناضلة من الجزائر، فنتغنى باسم «جميلة بو حيرد» على امتداد الوطن العربي، يموت زعيم عربي، فيبكيه الوطن الكبير كله، ويمشى في جنازته الغائبة الصغير والكبير، زمان.. انتحب العرب كلهم في هزيمة 67، وهللوا وكبروا للعبور وحرب أكتوبر 73، اليوم لو دخلت مصر حرباً فستجد من بين الجموع المشككين والشامتين والمندسين ومثيري الفتن والفرحين بالخلافات، وستجد الممتنعين والمرجفين والحاقدين على جند مصر المرابطين.
اليوم.. وهو أمر يندى له الجبين، ويثقل قلوب الوطنيين، جاء وطر على بعض العرب، وقد كرهوا حتى أنفسهم، وتباغضوا فيما بينهم، وجعلوا يفضلون الغريب على القريب، وإذا ما تنازع اثنان من أمة العرب الهمل على غنيمة، لن يقتسماها، بل يفضل كل واحد منهما إن لم يفز بها، ضرورة أن يقاتل من أجل ألا تذهب لأخيه العربي، ومستعد كل واحد منهما أن يتنازل عن الغنيمة لأي أحد غريب عنهما، لقد صار أدراج الرياح قول العرب قديماً: «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً»، اليوم.. لو لعب المنتخب التركي مثلاً مع منتخب عربي ستجدهم يرمون بالهوية، وينحازون للقضية، ولو جاء المنتخب الإيراني ولعب ودياً مع منتخب الإمارات، ستجد بعض العرب الهرش الذين لا يفرقون بين التين والعرش يقفون ضد منتخب الإمارات، وليس بالضرورة أن يشجعوا المنتخب الإيراني، المهم عندهم هزيمة منتخب الإمارات، تلك مقاييس الأحوال لما وصل إليه بعض من بني جلدتنا، تخلف وجهل وعناد لا يفيد أحداً، وضلال يعمي صاحبه.
طرأت عليّ الفكرة، وأنا أتسلى بقراءة التعليقات التي ينفث بها بعض الغوغاء على شبكات التواصل، وبعض الممنهجين، ولا أقول المؤدلجين على قصة إنجاز رحلة «مسبار الأمل»، بغية رصد حالة بعض العرب اليوم، وما آلت إليه ضغائن نفوسهم، وبدع أمورهم، وكيف يستقبلون الفرح العربي إن جاء سارّاً للجميع، بالتأكيد لا يهمنا العوج، ولا يعنينا إذا ما ربّى الحقود شحمة في صدره، ولن نلتفت لذلك القابع في دكانه الإعلامي ينهش عظمه، ولا تشكل حصيلة تحصى مهاترات من باع وطنه، ومن «استزلم» عند الغرباء على مواطنيه، ومن تاجر بالدين بغية الدنيا، ومن رضي بحرام قائم عن حلال دائم، أحياناً من المهم أن ترى حجارة الطريق المرمية، لكن ليس بالضرورة أنها تعيق دربك، أو تجعلك تلتفت للوراء.