القتل الأعمى

القتل الأعمى

القتل الأعمى

 صوت الإمارات -

القتل الأعمى

بقلم : ناصر الظاهري

نفسية العالم تغيرت، وفجأة اجتاحت الإنسان عقلية الغاب، والولع برؤية الدم، وفزع الطرائد، حيث لا يمكن تبرير «جريمة نيس» إلا بأنها خارج الوعي والإدراك ولذهاب العقل، ورجوع الإنسان بعد أن تخلى عن حذائه الجلدي الأنيق، وذهب باتجاه دغل الغابات حافي القدم، يجرح أديم الأرض بأظافره شبيهة المخلب والحافر.
المجنون لا يقدم على جرف جثث طرية لأطفال عظامهم ما زالت هشّة، وما زالت أرجلهم تلبط ببراءة النظافة والطهر في عرباتهم التي تقود خطى أمهاتهم على ذلك الرصيف البحري، والجنون لا يعرف التوقيت، واختيار المناسبة، ومتى يمكن للضربة أن تؤلم إلى حد الوجع الإنساني، وغيبوبة الكآبة، والجنون لا يمكن إلا أن يعد الموت لعبة يتسلى بها، ويجد لذة غواية الشر، كانت «جريمة نيس» واحدة من بشاعة الإنسان حين يتحول بعقله نحو جنون الدم ومعانقة الشيطان.
أحيانا يمكن أن نبرر للقاتل أنه تحت تأثير مخدر أو تأثير ضغط نص مقدس أو تحت تأثير غوايات الجنة واستعجالها، لكن يصعب علينا أن نبرر للمخطط الذي كان يتخيل المشهد قبل وأثناء وبعد حدوثه، وكان يمنّي نفسه على الدوام بالظفر بتلك اللذة المحرمة.

ولأن فرنسا كشجرة مثمرة، لذا كثر رميها بالحجر بين الحين والحين، فهي ما إن تستفيق من هزة حتى تتلوها هزة أعنف وأنكى وأشد، والضحايا مختلطون في الدم ومختلفون في الدين والمعتقد والثقافة، ومتفقون على أن للحياة ضريبة إن أردتها أن تكون ملونة، وقابلة لأن تدلك على دروب السعادة، لذا كان موعدهم مع الفرح هناك، ثم موعدهم مع الموت هناك. اليوم العالم كله مكشوف للموت، وكل شخص قد يحظى بموتة مجانية لم يستعد ويعد لها، فلا النفير قادر على أن يوقف مخططات الموت، ولا التأهب قادر على أن يخرس الشيطان إن تثاءب داعيا للخراب والموت للجميع، وأنصاره كثر من أهل اليمين، وما أدراك ما هم!

بقي سؤال ملحٌّ، دائما: هناك من يقف وراء القتل الجماعي، فنحن لسنا أمام جريمة في جنح الليل بغرز خنجر في الخاصرة أو طعنة في الظهر غادرة، نحن أمام جريمة إبادة، كان يراد لها أن تحصد أكبر عدد من الرؤوس يتساوى الصغار والكبار فيها، الرجال والنساء، لا يجمعهم إلا أنهم كالموؤودة سُئلت، بأي ذنب قتلت.. ولا يرجع الصدى إلا أنهم كانوا فرحين بتجدد ميلاد بلد آواهم.. وفتح صدره لهم، فكانوا في تلك اللحظة يبادلونه أنخاب النصر والعزة وعلو مكانة الإنسان، دون أن يلتفتوا لذلك الضال من ضباع مدن الموت والرماد!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القتل الأعمى القتل الأعمى



GMT 22:32 2016 الخميس ,08 كانون الأول / ديسمبر

خميسيات

GMT 21:24 2016 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

التنسك في الألوان

GMT 21:19 2016 الأحد ,04 كانون الأول / ديسمبر

نوبل.. تلك النافذة الكبيرة

GMT 23:31 2016 الخميس ,01 كانون الأول / ديسمبر

السماحة تميزهم.. ولا تغيرهم

GMT 21:21 2016 الثلاثاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

نتذكر ونقول: شكراً

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 13:17 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك ظروف جيدة خلال هذا الشهر

GMT 18:02 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

برابوس تكشف عن "مرسيدس E63 AMG" بقوة 789 حصان

GMT 00:59 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حبوب البن تقي الجسم من أمراض كثيرة

GMT 15:06 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

طُرق بسيطة بشأن تحويل حديقة صغيرة إلى أخرى مُميَّزة

GMT 09:16 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

مطاعم مراكش بديكوراتها الجديدة تستضيف العام الجديد 2016

GMT 10:48 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حاكم الشارقة يفتتح أعمال "الاتحاد العربي للنقل الجوي"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates