«أبو الرجولة والمفهومية»

«أبو الرجولة والمفهومية»!

«أبو الرجولة والمفهومية»!

 صوت الإمارات -

«أبو الرجولة والمفهومية»

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

لا أتذكر من كان يقول تلك العبارة، وفي أي من أفلام الأبيض والأسود أو في مسلسلات دريد لحام أو أيام المسلسلات اللبنانية الجميلة، غير أن العبارة ظلت في الرأس، واستحضارها اليوم مع سيرة الصيدلاني الأميركي الذي يجهل العموم شأنه، ويحفظ الخاصة قدره، إنه «روبرت فرشغوت» الذي غادرنا قبل سنوات عن عمر يناهز الـ 92 عاماً، قضاها في أعمال الصيدلة وتركيب الأدوية واختراعاتها، حتى توج بجائزة نوبل للطب عام 1998 باكتشافه الخصائص المساعدة للاسترخاء في غاز «أول أكسيد الأزوت» أو «الأكسيد النيتيري» الذي يعد من ملوثات الغلاف الجوي، لكنه يلعب دوراً مهماً في عمل القلب والشرايين، وفي تثبيت ضغط الدم، وانتظام الدورة الدموية، وهو في الوقت نفسه غاز يعمل كناقل عصبي.
ولد «روبرت فرشغوت» في شارلستون «كارولاينا الجنوبية» في الرابع من يونيو 1916، وكان مولعاً بالعلوم الطبيعية منذ صغره، إذ كان يراقب العصافير، ويجمع الأصداف، تخصص في الكيمياء، وتخرج من جامعة كارولاينا الشمالية، ونال شهادة الدكتوراه في الكيمياء الحيوية من جامعة شمال غرب كارولاينا في 1949.
درّس في جامعات أميركية عدة منها: جامعة نيويورك، جامعة واشنطن، وكلية الطب في ميامي، جنوب شرق فلوريدا حتى 2004.
كان أستاذاً فخرياً في جامعة نيويورك الرسمية، وبقي حتى العام 2006 يعيش في بروكلين أحد أحياء نيويورك، قبل أن ينتقل في العام 2008 إلى سياتل، حيث قضى نحبه فيها.
في الخمسينيات اكتشف وسيلة لمراقبة استجابة الأوعية الدموية للأدوية، والناقلات العصبية، والهرمونات، عن طريق وريد أخذ من أرنب تجارب.
في العام 1978 اكتشف مادة على الجدار الباطني للأوعية الدموية تسمح لها بالتوسع.
وفي العام 1986 اكتشف المادة التي ستذهل العالم فيما بعد، وستخرجه من صمته الأبدي الرهيب.
وبعدها بسنوات فاز الباحثون الثلاثة: «فرشغوت» وزميلاه العالمان «لويس انغارو» و«فريد مراد» بجائزة نوبل للطب لعملهم العبقري، ومساعدتهم للإنسانية في لحظات ضعفها وعجزها المدمر، وانكسار الرجولة.
ظل يعمل ويدرّس دون كلل أو ملل حتى أيامه الأخيرة، وأصبح اختراعه اليوم يستعمله أكثر من 35 مليوناً حول العالم، وغدت الشركة التي تبنته من أغنى الشركات في العالم، وأسهمها دائماً في ارتفاع، وتعد الكنيسة هي من أكثر حاملي أسهم شركة الأدوية هذه، وفاة هذا الصيدلاني العجوز كانت في صمت، وجنازته سارت عادية، ولم يعرف العالم بخبر موته إلا بعد مرور 5 أيام، ربما لأن العالم مشغول بالاختراع، والاكتشاف لـ «جزيئية سيلدنافيل» أكثر من المخترع نفسه، وهذه هي طبيعة الأمور في الحياة.
بقي أن تعرفوا أن هذا العجوز، والذي لم يمش الكثير وراء جنازته، لم يستطع أن يستعمل اكتشافه، لأنه لم يتدارك به نفسه قبل فوات الأوان، وحين اكتشفه، كان قطار العمر قد مضى، وشارف على خريفه، وكعادة أن طبّاخ السم لا يذوقه أساساً، لكن سيظل الناس يدعون لـ «فرشغوت» في صلواتهم، وأينما كانت قبلتهم، رغم عدم معرفتهم به، ليس بطول العمر، فقد عمّر طويلاً، ولكن بالراحة والطمأنينة في قبره، وخلود اسمه الذي يشبه أعمال السحر، لأن «فرشغوت» هذا «أبو الرجال والمفهومية» الحقيقي، وناصرهم على عدوهم الأبدي، وحكم ضعف الدهر عليهم، ومنقذ سمعتهم غير العطرة، «فرشغوت» هذا هو «أبو المسائل الزرقاء والملونة» كلها!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«أبو الرجولة والمفهومية» «أبو الرجولة والمفهومية»



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 19:42 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:03 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

"بهارات دارشان" رحلة تكشف حياة الهند على السكك

GMT 11:22 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تظهر بوزن زائد بسبب تعرضها للأزمات

GMT 14:04 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد بن زايد يفتتح معرض فن أبوظبي 2013

GMT 06:44 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نشر كتاب حول أريرانغ باللغة الإنكليزية

GMT 19:39 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

٣ خلطات للوجه من الخميرة لبشرة خالية من العيوب

GMT 15:58 2017 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

لوتي موس تتألق في بذلة مثيرة سوداء اللون

GMT 17:22 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فتيات عراقيات يتحدين الأعراف في مدينة الصدر برفع الأثقال

GMT 09:17 2021 الجمعة ,21 أيار / مايو

4.1 مليار درهم تصرفات عقارات دبي في أسبوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates