المغردون الحكماء

المغردون الحكماء

المغردون الحكماء

 صوت الإمارات -

المغردون الحكماء

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

هناك ظواهر بدأت تظهر في وقت الفراغ، وفي المساحات المشاع، وفي الفترات المسكوت عنها، فبرزت ظاهرة أساتذة «فن الحياة»، أو المدرب الروحاني أو «الكوتش»، فلا تدري متى قطعوا الأميال للالتقاء بـ«دلاي لاما»، أو مكثوا شهوراً يتنسكون في جبال «الهمالايا» أو مرتفعات «التبت» أو كرسوا أنفسهم لدراسة التعاليم البوذية أو الكونفوشيوسية، فجأة يظهر لك شاب لم تخضّر لحيته بعد، وتجده يتحدث بحروف تلك الحكم الذهبية، والمقولات الفلسفية العميقة، والتي أخذت من قائليها سنوات طويلة في المجالدة والمكابدة ومعرفة النفس البشرية، فيأتي هذا الشاب الأنيق الفرح بتلك الغترة المكواة بالنشأ، ويلقف تلك الحكم لا يتلقفها، ويظل يؤلف كتباً في فن السعادة، وكتاباً كيف نتخلص من الحزن والقلق لنبدأ الحياة الرغيد، وكتاباً عن عشرين سؤالاً وجواباً في اكتساب الأصدقاء، والابتعاد عن الأعداء، وكتاباً عن فائدة الحناء والياس في صبغ الرأس، وكتاباً كيف تصبح مليونيراً وسعيداً دون الثلاثين، وغير ذلك من «الخريط الوالم»، وأتعجب من هذا الشاب وقد ألف عشرات الكتب، وهو لم يبلغ الأربعين، سن النضج العقلي والروحي، هذا إن بلغ الستين أعتقد أنه «بيسوي في السماء دروب»، إذا الآن وهو يدعي أن كتبه الأكثر مبيعاً، وكتبه الأكثر قراءة على الإنترنت، وكتبه ذات الطبعات المتعددة بأغلفتها الساذجة، ولوحاتها الأقرب للرسوم اليابانية أو وجوه لفتيات مغرر بهن، مثل هذا الشاب سينتقل مباشرة لوسائل التواصل الاجتماعي، وسيظل يسرق من مقولات كتب الغير المختصة بالتدريب الذاتي أو تطوير الذات، ويلصقها على منصته الرقمية أو تغريداته كل صباح، والناس والمتابعون يحسبونها من بنات أفكاره أو شطحات قلمه أو توارد ذهنه، وحين يتوثق ويشتد عوده في الحفظ والقص واللزق، سيتحول إلى المحاضرات والندوات، وإلقاء الدروس الوعظية، وإقامة الورش بعناوين مثل: «في تجميل الحياة السرمدية»، و«خلق النفوس السليمة، ومحاربة العلل النفسية بالوسائل الحكيمة»، و«كيفية إدارة الوقت، وهزيمة الإدارات الهرمة»، «وكيفية سبر المستقبل من ثقب الأوزون»، و«كيفية عمل «الاتش آر» في استبعاد المواطن، وتوظيف المعار»، وسيتطور بشهادات مزخرفة من جمعيات غير خيرية، ومعاهد وهمية، وشهادة ممهورة من الأب الروحي «بركاش»، من هو «بركاش»، لا أحد يدري، ولا أحد له ذلك البال ليسأل، وصاحبنا ومن أمثاله يصبّحون علينا بتلك المقولات البوذية أو يمسون علينا بتلك الحكم المترجمة على عجل، ونحن علينا التعجب والتأمل، وشكرهم على ما تخط يمناهم، وتقدح أفكارهم حتى اختلط علينا الحابل بالنابل فلا عرفنا أي بضاعة تردنا أو أي بضاعة ردت علينا، وصاحبنا.. ما زال في غيّه يعّمَه!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المغردون الحكماء المغردون الحكماء



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 19:42 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:03 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

"بهارات دارشان" رحلة تكشف حياة الهند على السكك

GMT 11:22 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تظهر بوزن زائد بسبب تعرضها للأزمات

GMT 14:04 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد بن زايد يفتتح معرض فن أبوظبي 2013

GMT 06:44 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نشر كتاب حول أريرانغ باللغة الإنكليزية

GMT 19:39 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

٣ خلطات للوجه من الخميرة لبشرة خالية من العيوب

GMT 15:58 2017 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

لوتي موس تتألق في بذلة مثيرة سوداء اللون

GMT 17:22 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فتيات عراقيات يتحدين الأعراف في مدينة الصدر برفع الأثقال

GMT 09:17 2021 الجمعة ,21 أيار / مايو

4.1 مليار درهم تصرفات عقارات دبي في أسبوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates