«فوتبول أم سَكَر»

«فوتبول أم سَكَر»؟

«فوتبول أم سَكَر»؟

 صوت الإمارات -

«فوتبول أم سَكَر»

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

من يريد أن يفهم لعبة السياسة الأميركية في الداخل والخارج، عليه أن يفهم قبلها سياسة اللعبة الأميركية، الأكثر شعبية، والتي تسميها «فوتبول»، والتي لا يخصها بفنيات كرة القدم التي يعرفها العالم، ويسميها باسمها، باستثناء أميركا التي تلصق الاسم بهتاناً، وزوراً بكرتها، وتسمي لعبة العالم «سَكَر»، والتي يبدو لك لاعبها أول ما يتبادى عليك، أنه سائق دراجة نارية محترف بامتياز، وليست أي دراجة، ولكنها من تلك الدراجات التي تظل رقبة راكبها مسطّعِة إلى السماء على الدوام، ويداه مرفوعتان لغير الدعاء، وأنه يمكنه أن يستغل شاحنة في أي وقت بديلاً عنها، دونما أي مشكلة، لاعبو كرة القدم الأميركية مثل لاعبي السياسة الأميركية، حين ينزلون الملعب، ينزلون بنشيد الصاعقة، وجوههم مموهة، وكأنهم من المتربصين بك في الغابات الماطرة، يريدون شراً، والذاهبين في جريهم لجلب وعول شاردة، يشعرونك أنهم يأكلون اللحوم في وجبة الفطور، وأنهم مشاريع تعليف للأيام القادمة، وليس لديهم هدف في الحياة إلا الانقضاض.
لكن لو افترضنا أن لعبة كرة القدم الأميركية كانت ملزمة لكل مناصري السياسة الأميركية، وأجبر العرب أن يمارسوها بحكم العلاقات الثنائية، رغم أن بنيتهم التحتية غير مستعدة لمثل تلك اللعبة، وبنيتهم الجسدية لا تساعدهم على ذلك، لكنهم إن فعلوها، وشكلوا فرقاً منهم، فالأمر الأكيد أنهم سيتركون عنهم السخط والغضب، والصوت العالي الفاضي، والتلويح بالعقوبات المتعلقة، والتي لا تضر أحداً، ولا ترهب عدواً، في المقابل ستجد المنازعات والمعارك بينهم لا تنتهي، والمشاجرات ستنتقل من الملعب الكبير إلى المنازل الصغيرة، ولن يمانع أحدهم أن يستل «شوزن» بعد المباراة الخاسرة، والتي يلقي باللوم الكثير على الحكم، وتسمع الرصاص معاليك، خاصة أن اللاعبين العرب لن يلتزموا بملابسها الواقية، وخوذتها الحامية، لذا كسر الضلع سيصبح عندهم أقل الضرر، وبالأخص إن كان على الجانب الآخر فريق إسكتلندي، لا يعترف بقانون شرذمة ضعيفة غلبت شرذمة قوية.
بالنسبة لي أعتقد أن لعبة كرة القدم الأميركية، مثل لعبة السياسة الأميركية، تبدو فيها «الطاسة ضائعة»، لا تعرف الكرة أين، ومع من، هل مع الخصم أم مع فريقك، ولا تعرف متى تبدأ، ومتى تنتهي أصلاً؟ خاصة أن الحكم فيها يشبه أي شرطي «نيويوركي» تقليدي، ممن يظهرون في الأفلام التي من بطولة «آل باتشينو، وروبرتو دي نيرو» عادة، وتهمة الفساد تحوم حوله منذ بداية الفيلم، والذي يتساهل، ويسمح بكل شيء في الملعب لأولئك المحاربين المثقلين بالأردية الغلاظ، وصدريات مضادة للرصاص، ويجرون جري الوحوش، طبعاً ولا واحد من أولئك اللاعبين القُرع أو مجدلي الشعر، كان شاطراً في الرياضيات أو الفيزياء، أما حصة الكيمياء فتمر دقائقها على صدورهم مثل الرحى الثقال، ويفضلون أن يوشموا زنودهم منذ الصغر، ويغرّون «غرشة الكولا» من الحجم العائلي في دقائق، و«الهمبرغر» لقمة، وأمهاتهم يجفلّن منهم حين يبلغون سن العاشرة.
تبدو لي لعبة كرة القدم الأميركية، وكأنها تنحدر بعد حروب الطمع، والاستغلال، والإبادة الجماعية، وكرتها الجلدية، وكأنها رأس خصم من السكان الأصليين، حطّته الأقدار بين أقدام المستعمرين الجشعين، وهتافات الجمهور في المدرجات، تشبه هتافات المنتصر في حرب غير عادلة، وتنتظره حفلات صاخبة ليسجل مجده، مثلما كانت تفعل روما مرضعة الذئاب في حلبات المصارعة غير المتساوية.
حاولت أن أفهم سياسة كرة القدم الأميركية، لأفهم لعبة السياسة الأميركية ففشلت على الصعيدين الرياضي والسياسي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«فوتبول أم سَكَر» «فوتبول أم سَكَر»



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 11:16 2018 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

صلاح محسن يشعر بالسعادة لارتدائه الفانيلة الحمراء

GMT 11:56 2015 الأحد ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات بتراجع أعداد الدب القطبي بنسبة 30% بسبب تقلص الجليد

GMT 23:53 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

أحواض السمك تجلب الهدوء وتضفي جمالًا على حديقتك

GMT 17:42 2013 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

الاحتفال بذكرى رحيل عمار الشريعى بإذاعة الشرق الأوسط

GMT 04:41 2015 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

الربيع يحل قبل 3 أسابيع في الولايات المتحدة الأميركية

GMT 23:42 2013 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

"شل" تتراجع عن بناء محطة لتحويل الغاز إلى سوائل

GMT 16:03 2012 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

5 بنوك تمول إقامة محطة كهرباء في السويس

GMT 16:42 2012 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

الفودكا" تنقذ فيلتين من صقيع روسيا

GMT 03:05 2012 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تجهز منشأة لتخصيب اليورانيوم تحت الأرض

GMT 03:59 2013 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

اكتشاف فصائل جديدة من النبات والعناكب بماليزيا

GMT 22:05 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

حقيقة انفصال كارول سماحة عن زوجها وليد مصطفى

GMT 08:02 2012 الجمعة ,21 أيلول / سبتمبر

"بورشة" الألمانية تتوقع نمو مبيعاتها في 2013
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates