ليتهم لا يرون لون العشب

ليتهم لا يرون لون العشب

ليتهم لا يرون لون العشب

 صوت الإمارات -

ليتهم لا يرون لون العشب

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

تحيرك بعض الشخصيات التي لا تعرف ماذا تريد من وفي هذه الحياة؟ تجدهم يطرقون الحديد، ولا يطرقون دروب الخير، يعتاشون، ولا يعيشون، يغتابون، ولا يغيبون، هي شخصيات ترعى في المرعى، وتمجد الجدب، تشرب من الغدير لكنها تدنسه، هم يحبون المشهد، ويسعون بركبهم وحيلهم للظهور فيه، يزاحمونك على لقمة العيش، وهم يتجشأون شبعاً وتخمة، مواهبهم مستثمرة في الشر، تكسير الآخر، ورفع الذات، تعرفونهم.. هم من اتسعت عيونهم، ومن شنفت آذانهم، واستطالت ألسنتهم، هم موجودون في كل مكان وزمان، موجودون بيننا، وهناك، في مؤسسة أو دائرة أو وزارة، أو مجتمع أو وطن، عيونهم تسبق خطواتهم، وآذانهم تلتصق بالجدران، يقتلهم نجاح الآخرين، وتقلقهم الاستقامة والنظافة، هم ليليون، يحترفون الظلمة، وسعيهم في الظلم والظلام، يبهرهم النور والمعرفة واليقين، يعيشون على جثث الآخرين، وفي غياب الآخرين. 
شخصيات جدارية، تعشق الظل، وما تسربه آذان الحيطان، فضولهم مرضي قاتل، يستبيحون كل شيء من أجل لاشيء، فقط ليبقوا تحت بقعة الضوء، وليذكّروا الناس بأنهم ما زالوا ها..هنا، طفيليات تتشبث بالأشجار، تتسلق جذوع النخل فلا تطاوله أو تطاله، غير أنهم يأكلون الطعام، ويمشون في الأسواق، يشبهون نبات الحبايّة في التعربش والزحف والامتداد، يعيثون بمن شاءوا وما شاءوا فساداً، ألسنتهم تقطر عسلاً حين طلب الحاجة، وتقطر سماً حين تغيب شمسك أو يختفي ظلك، هم أصحاب حديث الإفك أينما كانوا، وكيفما كانوا، الطهارة عندهم نوع من الدنس، والضعف الإنساني نوع من العيب، والطيبة سذاجة. 
أحياناً نحن من نجعل هذه الكائنات تتنفس، ونمنحها قبلة الحياة، معتقدين أنهم مثل جهينة لديها الخبر اليقين، أو هم من سيأتيك بالأخبار من لم تزود، أو أنهم مفتاح الحظ، وجالبو السعد، وأنهم أكثر من غيرهم يحمدون ويمجدون ويمدحون.
عاشوا على ضفاف الحضارات، وعلى هامش المجتمعات، ورغم ذلك نسيهم التاريخ إلا من مثال سيئ، لا نذكر خيانة الوطن إلا ونقرنه بأبي رغال، ذلك الذي دلّ أبرهة الحبشي على طريق مكة، أو ذلك الذي فتح سور عكا من الداخل لنابليون، نذكر صيحة امرأة عمورية، فلا يخرج رأس أحدهم من جحره، دائماً هم موجودون بين الماء والنار، بين النطع والمقصلة، متخفون خلف قرار الإعدام، وحرق الكتب، وحرق الأطهار، هم شبيبّة النار، نافخو رماد الفتن، لهم في كل عرس قرص، يفرشون بكذبهم سجاجيد طويلة من الوهم والتوهم، لا يعملون، وإن عملوا فجروا، فلولاهم لما سار العمل، ولولاهم لما ظهرت شمس، ولا بان قمر، ولا هطل مطر، حاجتهم أن الناس بحاجة لهم، هكذا يقولون، ونجاحهم لأن الناس وحدهم لا ينجحون، هكذا يعتقدون، ليتنا نستطيع أن نضعهم في إيهاب جلدهم الطبيعي، هم مجرد عيون وآذان ولسان، وليتنا نسميهم بأسماء أفعالهم، وليتهم لا يرون لون العشب في حياتهم، فالرماد والملح بصرهم!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليتهم لا يرون لون العشب ليتهم لا يرون لون العشب



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 صوت الإمارات - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 صوت الإمارات - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 صوت الإمارات - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 صوت الإمارات - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 01:44 2018 السبت ,29 كانون الأول / ديسمبر

جيمي أيوفي يستمتع مع أسرته في "أتلانتس دبي"

GMT 10:11 2012 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الطاقة الإثيوبي: في طريقنا لاستكمال مشروع سد النهضة في 2015

GMT 19:07 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

اسباب تضخم الكبد وطرق العلاج

GMT 18:36 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

صفّ السيارات يتسبب في مشاجرة بالضرب بين رجل وفتاة في تكساس

GMT 20:58 2013 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

أول اجتماع لرئيس التليفزيون لبحث تطوير القنوات المصرية

GMT 06:43 2015 الجمعة ,19 حزيران / يونيو

الطقس في الإمارات الجمعة مغبرًا جزئيًا

GMT 01:51 2016 الثلاثاء ,29 آذار/ مارس

افضل التصاميم البارزة لأحذية ربيع 2016

GMT 11:53 2013 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام مسابقة الخطابة باللغة العربية للجامعات الصينية

GMT 22:33 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

إطلالة مثيرة للموديل هايدي كلوم في حفل "أمفار"

GMT 02:28 2014 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

"الإسلاميّون" يعتبرون "العلمانيّة" ارتدادًا عن الدين

GMT 14:55 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

طاهية تصنع قطار من خبر الزنجبيل "بالحجم الطبيعي" في سيدني

GMT 22:11 2013 الأربعاء ,29 أيار / مايو

الموسيقى المعاصرة على "راديو فرنسا" الأربعاء

GMT 03:26 2013 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

مجدي يعقوب يجري 3 عمليات "قلب مفتوح"

GMT 15:12 2013 الإثنين ,30 أيلول / سبتمبر

جامعة عثمانية إحدى أبرز جامعات الهند وآسيا

GMT 18:29 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

الجامعة الأميركية في الإمارات تنظم مؤتمرًا عن "الناتو"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates