الكابتن كاربخال والنعجة

الكابتن كاربخال والنعجة

الكابتن كاربخال والنعجة

 صوت الإمارات -

الكابتن كاربخال والنعجة

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

في إحدى السفرات إلى إحدى البلدات المنهكة، والتي أنّت وعانت من السيطرة الاستعمارية طويلاً، وحين خرج منها الاستعمار هارباً بجلده، تحولت إلى موطن فساد، يصعب الفكاك منه، بحيث ليس بمقدورك أن تفرّق بين مطارها العاثر، وبين سوقها المركزي المتهالك، كنا على وشك الدخول إلى الطائرة من ذلك الخرطوم البدائي الذي قشّره وقع الأحذية الخشنة، والطائرة رابضة في مكانها، والركاب في طابور طويل، سمعنا رجّة قوية، والطائرة لاحت بوجهها قليلاً، وانفصلت مقدار شبر أو فتر عن الخرطوم المعمول يدوياً عند أكثر من حداد، ممن كانوا يمتهنون صناعة حذوات الأحصنة قديماً، لم يطرأ على بال الركاب أن ذاك الصوت جراء عمل إرهابي، فمثل هذه الدول، الإرهابيون فيها عاطلون عن العمل، لأن النظام يقوم بكل شيء، ولا يسمح بأي شيء، اعتقدت شخصياً أن سيارة من سيارات المطار لطمت الطائرة في غفلة أو عربة الحقائب لحقت بعجلاتها في لحظة سهو من العمال، وهذا يحدث كأمر اعتيادي في مطارات تلك الدول، لأن الناس هناك يتحملون الكثير، وقد لا يبالون في لحظة من اللحظات.
كانت على مدخل الطائرة حرمة متوسطة العمر، ويبدو من هيئتها أن لها تجارب في الحياة تذكر، خاصة أن لباس الفارسة لا يتناسب مع الوقت والقوام، في لحظة الصوت والرجة غير المفهومة، صرخت المرأة تلك الصرخة الأنثوية المخبأة في الصدر، والتي لا تدري متى تطلقها، وتحرولت أرجلها، وأصابها هلع هستيري، سدت باب دخول الطائرة، لا دخلت، ولا خلت الناس يدخلون، تَرَشّيناها، وخففنا عليها وطأة الرهبة، لكن زاد صياحها، وتشنجت رجلاها، جاءت المضيفات، وحاولن أن يستفهمن منها إن كانت لديها مشكلة نسائية طارئة، وكيف يمكن لهن مساعدتها على عجل، فزاد ذاك من عنادها وصراخها، بدا التذمر على الركاب، خاصة واحد يوحي لك وجهه المحمر أنه يربي الشر منذ الصغر، ممتلئ لا تدري متى بإمكانه أن ينفجر، خاصة أن المرأة وتصرفها الغريب، جعل وجهه يزداد حُمرة وسخونة، لا أحد يشعر بها غيره، هدَر، فبدا وكأنه سيتصرف مثل رجل الكهف الحجري حيالها، خاصة أن معظم عيون الركاب كانت تشجعه على ذلك، مع قليل من الأذى، وبعيداً عن زجهم في الأمر، ولما كثر اللغط، جاء الكابتن الذي أوحى لي أنه ربما يُطير على متن هذه الطائرة المدنية حديثاً، بعد عمر قضاه في تسيير طائرات الشحن العملاقة، ومن الذين تدربوا على طائرات «انتونوف» كثيراً، مروراً بطائرات النقل العسكري لأماكن نائية، هي هزْبة واحدة من ذلك الكابتن الذي ودّع الملابس العسكرية المموهة قريباً، وضاقت عليه الملابس اللينة، ودخلت الحرمة باب الطائرة كنعجة خائفة تتلفت!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكابتن كاربخال والنعجة الكابتن كاربخال والنعجة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:17 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك ظروف جيدة خلال هذا الشهر

GMT 18:02 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

برابوس تكشف عن "مرسيدس E63 AMG" بقوة 789 حصان

GMT 00:59 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حبوب البن تقي الجسم من أمراض كثيرة

GMT 15:06 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

طُرق بسيطة بشأن تحويل حديقة صغيرة إلى أخرى مُميَّزة

GMT 09:16 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

مطاعم مراكش بديكوراتها الجديدة تستضيف العام الجديد 2016

GMT 10:48 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حاكم الشارقة يفتتح أعمال "الاتحاد العربي للنقل الجوي"

GMT 08:22 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

لاعبة ترفض الوقوف حدادا على مارادونا بسبب "أفعاله"

GMT 18:44 2020 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

مصر.. اقتراح قانون في البرلمان لتجريم زواج القاصرات

GMT 14:04 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الرئيس الجزائري يُقيل رئيس "سوناطراك"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates