تذكرة وحقيبة سفر 1

تذكرة وحقيبة سفر -1-

تذكرة وحقيبة سفر -1-

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 1

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

الأسفار متعتها بالتعرف على شخصيات مختلفة تصادفها في أمكنة كثيرة، وقد تتشابه بعض الشخصيات في كل الأماكن، مثل شخصية الشرطي ورجل الدين وغيرها، لكن هناك شخصيات تجدها في تجوالك، تلزمك أن تحترمها وتقدرها، ولا تنسى أن تشكرها على تلك الفائدة التي وضعتها في يدك، وقالت لك: أقمط عليها.. وتوكل!

من بين هذه الشخصيات الجميلة والمركبة والهزلية والصادقة والكذوبة، شخصية التاجر والبائع التي تحتك بها من خلال الأسفار الكثيرة، والتعامل معها كعادة المسافر المتسوق، ومحب وقارئ لواجهات المحلات مثلي، باحثاً عن أشياء قديمة، وأشياء جديدة، وأشياء تفرضها محبة المقتنيات، حيث تعاملت مع تجّار تقليديين، وآخرين لهم صفة البائعين في محلات ودكاكين وأسواق وحوانيت المدن الكثيرة، بعض التجّار يشعرونك أن بضاعتهم جزء من لحمهم، وإن اقتطعت درهماً منها، فكأنما عضضت على إصبع أحدهم، كذلك التاجر الزحلاوي الذي يبيع مقابض الأبواب والحمامات المذهبة والكريستالية الرفيعة، والتي كان يمسحها بقميصه الحريري الغالي، فلا يجعلك تبخسها، وتدفع فيها ما يطلب، خاصة وهو يسوّقها بعذب الكلام، والملمس الراقي، مثل هذا لا يمكنك أن ترى باب متجره فقط لمرة واحدة، أحياناً كنت أمرّ فقط لأطمئن عليه، ويحلف أن أشرب عنده فنجان قهوة، وفي آخر زيارة لي لبيروت قبل أربع سنوات، مررت وإذا بمحله معتم، وترك زاويته لمكان آخر غير بعيد، فهجم عليّ شعور أن الرجل قد فارق الحياة، وأن الأبناء لا يعبهون بما يحب ويقدر الآباء، وما يعشقون من مهن، القيت على ذلك المحل الذي كان راقياً تنهيدة الحسرة، وهربت لا أريد أن أتذكر شيئاً.
أما شخصية البائع في المحل، فهو مثل مثلنا القديم: «مال عمّه، ما يهمّه»، بحيث يمكنك أن تميزه من عدم لهفته، وتكاسل خطوته، وعدم فرحته القصوى بتلك النقود التي يضعها في درج الآلة الحاسبة، وتظل فكرة أن يشتري الدكان الذي يبيع فيه ملحّة، وتعيش معه طويلاً، دون تحقيقها.
في تلك الأسفار التقيت بتجّار فيهم الصدق والأمانة، وكأنهم من عهد رحلة الشتاء والصيف، وتجّار خردة، يتعامل مع بضاعته، وكأنها من مخلفات جاره، وتجّار يضعون النَصب نُصب أعينهم، فتتحول عيناه منذ مقدمك إلى بؤبؤين دائريين، وترتفع لديه نسبة «الأدرينالين»، وتظل يده اليمنى ترعاه، وهو يفركها بين الحين والآخر بأطراف أصابعه، وهناك تجّار يحلفون برأسك غير الغالي عندهم على بضاعة بائرة.

في سوق الحميدية في دمشق تجد التاجر التقليدي كدكة قديمة في محله، أما البائعون النزقون فيتمنى الواحد منهم لو استطاع أن يجذبك من يدك، ليدخلك عنوة، ويبيعك ما لا ترغب فيه، وهم عادة ما يلعبون على خجل الزبون، وإحراجه حتى استسلامه، وبعضهم يبث عيونه ليتلقفوا الزبائن من مدخل السوق، الأمر تجده في بعض أسواق اسطنبول، وخان الخليلي في القاهرة، ومحلات باب مراكش في الدار البيضاء، وأسواق بومبي، وخاصة «محمد علي رود»، وغداً نكمل..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 1 تذكرة وحقيبة سفر 1



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 17:02 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

احذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق

GMT 21:27 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الاضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 17:31 2015 الخميس ,29 كانون الثاني / يناير

عملية قذف النساء أثناء العلاقة الجنسية تحير العلماء

GMT 04:40 2015 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

اختاري أفضل العطور في ليلة زفافكِ

GMT 00:04 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

هدف ثالث لفريق برشلونة عن طريق فيدال

GMT 09:12 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

لامبورجيني أوروس 2019 تنطلق بقوة 650 حصان ومواصفات آخرى مذهلة

GMT 20:46 2014 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"الكتاب" يوجه التحية إلى سلطان لرعايته معرض الشارقة

GMT 14:58 2016 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

البصري يطالب "المركزي" العراقي بالحدّ من منح إجازات مصرفية

GMT 02:08 2016 السبت ,16 إبريل / نيسان

اختاري عطرك بحسب شخصيتك

GMT 10:38 2013 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

بروتوكول لإنشاء محطة لتحلية مياه البحر بقيمة 200 مليون جنيه

GMT 23:49 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

تتويج السوري عمر خريبين كأفضل لاعب في آسيا لعام 2017

GMT 11:51 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ماكرون يشيد بجهود شما المزروعي في دعم الشباب

GMT 03:12 2016 الأربعاء ,13 إبريل / نيسان

كعكات الموز والشوفان الصحية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates