تذكرة وحقيبة سفر 1

تذكرة.. وحقيبة سفر -1-

تذكرة.. وحقيبة سفر -1-

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 1

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

بعض المدن تثير الشجن، وتحضك على فعل الكتابة، فهي ما تبرح أن تلكزك بعصاها إن غفلت وتغافلت، صارخة في تجاويف صدرك: أنك أنت من أراد لهن سبيلاً، أنت من حفيت، وتشققت كعوب رجليك، ساهراً تنادي أو باكياً تشاكي، الآن وأعمارهن كأثواب هلهلتها الريح، تريد الصمت، وأن تغلق عينيك على صورهن القديمة، وحسبك التذكر، وفي النفس اعتذار، وحسبك التعذر، ما أوهن اللحظات الآن حين تراها بعين مغبشة بالدمع، وبقلب يتسقى الحسرات على ضياع الأشياء، وفتور حميميتها، تحضر الآن عانّة على الصدر، مبدية الوجد، فتزيد التذكر غصّة على تلك اللحظات حينما كانت النفس فيها سابحة في نسكها وتصوفها وسبحانيتها، والأشياء في عطرها الأول، لم تدنسها الأيدي ولا الأهواء، تلك مقتل الرجل مثلك الساعي نحو الصفاء، ونحو ما يتذكر من مفرحات الحياة، بعيداً عن أي طوق، ولو كان ورداً مجدولاً أو حبلاً من مسد، تبدو صديقاً للأشياء التي قتلوها وأنت تحتضنها بين يديك، ونديماً للحظات القابضة على دمع العين، لحظات تأتي بشوقها، فلا تقدر إلا أن ترتكب جريمة تذكرها، كجمر خابي وساكن بحزن تحت الرماد:
- الصبية المكتشفة تضاريس الجسد للتو، المندهشة من صورتها في المرآة كيف تغيرت، وكيف تكبر، نظرتها المعاتبة لرجل خادعة ألوان ملابسه، ووميض عينيه المتكاسلة، تودعه كرجل مثقل وتعب من العافية، تسقط رأسها في صدر عمتها، ويرتخي حجابها، ودمع يغسل طرف كحل عينها، وآهتها المتوارية، تغادره، وهو متيقن أنها قصة حب ستنسيها إياها الأيام الآتية، وحدها قلوب الكبار ترجع الصدى بين الحين والحين!
- المرأة التي تغار من النساء والرجال والمدن والأسفار، ومن لحظات الصمت ودقائق التأمل، من الهواتف رنينها ورسائلها، كانت تريد أن تفتح صدره لترتاح، ورأسه لتستقر، وهاتفه لتطمئن، كانت تريده عارياً مثل طفل لترضى، وحين قال لها: كفى! وودعها تمنت لو تغطيه بكل أسراره، ولا ترى استدارة ظهره هارباً نحو النعيم!
- المرأة التي تقتله بتفاصيلها وأشيائها الصغيرة، أمورها التي تكبر في رأسها حد الوجع، التلصص عبر ثقوب الجدران على ما يخبئه من ضحكة، من رسمة، من سؤال، كانت تريد أن تعبر إلى حياته الواسعة من خلال ثقوب ضيقة في الجدران، فقال لها: لك دينك، ولي ديني، أذهبي فأنت من الطلقاء، ولأكتفي بما تبقى من صنمي المعبود المكسور في يوم الفتح المبين!
- المرأة التي تساوت عندها الأمور، فلا عرفت مقدار ثقل كتفه في الملمات، ولا خفة قدم غيره في الهروب، كانت تفرح بالكلمات الكاذبة، ولا تبالي بالصادقين، تبعت الظل المنكسر، ولا جَارَيت أصل الظل المعتدل، وحين استقامت الشمس في تعامدها، تشابه البقر عليها، فلا عرفت هل فقد الرجل ظله؟ أم غادر الظل الرجل! وغداً نكمل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 1 تذكرة وحقيبة سفر 1



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 03:31 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
 صوت الإمارات - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 03:47 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
 صوت الإمارات - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 03:37 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
 صوت الإمارات - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:34 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تتهرب من تحمل المسؤولية

GMT 15:30 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

إعصار الهند وسريلانكا يحصد مزيداً من القتلى

GMT 18:33 2018 السبت ,17 شباط / فبراير

"شقة عم نجيب" تُعيد هبة توفيق إلى خشبة المسرح

GMT 10:31 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

فورد F-150 تحصل على محرك ديزل لأول مرة

GMT 05:57 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

أحمد خالد أمين يوضح أن هنادي مهنا أول مولودة له كمخرج

GMT 06:17 2013 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

صدور رواية "دروب الفقدان"للقاص عبد الله صخي

GMT 14:11 2013 الثلاثاء ,26 شباط / فبراير

" ميّال" رواية جديدة للروائي السعودي عبدالله ثابت

GMT 20:20 2014 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

صدور كتاب "الأمير عبدالله بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود"

GMT 21:49 2013 الأربعاء ,15 أيار / مايو

ورزازات عاصمة السينما وهوليود المغرب

GMT 21:45 2014 الجمعة ,24 تشرين الأول / أكتوبر

"جاليري" المرخية ينظم معرضًا فنيًا الثلاثاء في "كتارا"

GMT 03:14 2021 الثلاثاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

تطوير علاج عن طريق الفم لكورونا ينتظر الموافقة عليه

GMT 07:35 2020 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

تقارير تكشف أن الذئاب تستعد لغزو "العالم المتقدم"

GMT 01:10 2019 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

طيران الإمارات تتوقع 5 ملايين مسافر في 18 يومًا

GMT 13:07 2019 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

صابرين تروي قصة فشلها في تأسيس وإدارة المشروعات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates