كلهم عبروا إلا واحداً

كلهم عبروا إلا واحداً

كلهم عبروا إلا واحداً

 صوت الإمارات -

كلهم عبروا إلا واحداً

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

امرأة تبدو أنها من الولودات كل عام دون ضجر، تبدو حاملاً، والزوج ببدلته الرياضية القديمة، وبشبشب جلدي صناعة محلية جلبها معه، يتقدمها بخطوات ساحباً ابنه الصغير محمداً معه، وكيس نايلون بيده، ولا ثمة علاقة إنسانية يمكن أن تتضح للعالم فيما هما فيه من تكاثر ممل.
- رجل يتحدث في الموبايل، وزوجته وراءه تفكر بسندويتش شاورما يعوضها المشي على الكورنيش، وعيالها يتعاركون مع بعضهم بعيداً عن عينيها الشاردتين، لِمَ العلاقات الإنسانية تقتلها التفاصيل؟
- آسيوي مرتبك، ويربك العالم معه، بشق صفوف المارة تارة، وبتردده نتيجة تأمله في الوجوه تارة أخرى، تشفق عليه من العثرة غير المحتملة في أي لحظة، هناك علامات للفقر والخوف لا يمكن أن تخفى على أحد.
- فلبينيتان تمران مر السُحب، لا ريث، ولا عجل، شعرهما مبلول كعادة للخروج، تتبعهما ضحكاتهما التي تشبه أول الشهر.
- ثلاثة شبان من شمال أفريقيا بلباس البحر، حتى في الليل المتأخر، يهذران بصوت عال أجش له طبيعة التبغ الحار، وأحلام تكسرت على أمواج البحر الأبيض المقابل، وأتت بهم إلى بحر الخليج الدافئ.
- أوروبيات بلباس خفيف يطيره هواء البحر، غير عابئات كثيراً بالعيون التي تتفحصهن، ولا ببرودة الجو التي ترعد عظام الآخرين، متوحدات مع أنفسهن بحديث يكاد يسمع، وكأنهن سيدات المكان، وآمرات للفحولة المصطنعة.
- رجل من قندهار، من بقايا المرحلة القديمة، بلباسه التقليدي ذاهبا لشاحنته المتوقفة هناك، أم خمس ركاب، وحمولة ثلاثة أطنان، يبدو أنه لا يعترف بالمدينة، ولا المدينة تريد أن تتقبله الآن، يشعرك أنه سيد نفسه بلا تاج.
- عائلة آسيوية تسحب ولداً وبنتا وحقيبة فيها أكل من طبيخ البيت، لنزهتهم المقترحة طعِّم بالبهارات.
- أوروبي بدراجة هوائية خفيفة، يمرق سريعاً، مواصلاً سيره البعيد إلى جهة ما.
- نساء بعبايات سوداء، يملن للسمنة، بأحذية رياضية تبدو غير مريحة للناظر، وجهد واضح لتخفيف الوزن، مع لهاث يكاد يسمعه المارون.
- شاب أسمراني رياضي، يمشي براحته، ويفكر بأمنيات بيضاء تسرّ قلبه.
- اثنان من المعضلين يرتديان فانيلة بيضاء ربع كم، وصاكة على الجسم، تكاد تفصِّله للمارّين، ومتخذان مساحة أوسع من الاعتياد لمشي اثنين من بنيّ آدم، بوضعية التكتف الإنساني المعتاد.
- عربيان يتحدثان بصوت عال، يكاد المارة أن يلتقطوا شيئاً كثيراً من حكايتهما التي تتبعهما لآخر الرصيف.
- امرأة عابرة يرنّ هاتفها بنغمة مميزة، فترتبك، تبحث عنه في شنطتها، تتوقف قليلاً، ثم تواصل سيرها، ويدها ما زالت في شنطتها.
- شخص يصر أن يعبر أمام الإشارة الحمراء، وفتيل سيجارته مشتعلاً، يوزع عوادمه في وجوه من خلفه من العابرين.
- رجل يسحب شنطة سفر، ليس موقعها بالتأكيد شارع الكورنيش، لا تدري أين سيكون مبيته هذا المساء، أوحى لك ساعتها كم هي رطبة غرفته التي تركها للتو.
- شباب أجانب يعبرون بزلاجات مدولبة، يتمسك بعضهم بعمود الإشارة، ثم ينطلق، والفتيات يتماسكن بالأيدي ثم يقفزن الرصيف بانزلاقة أنثوية هاربة.
- عجوزان في بداية خريف العمر يعبران الإشارة على مرحلتين في صمت، يتعكزان على الهمهمات التي لا يفهمها أحد غيرهما.
- أنا.. حين ختمت التأمل، حاولت أن أعبر مع آخر العابرين، فأوقفتني الإشارة الحمراء بغمزة من عينها.. وكأنني ارتكبت مخالفة براداري البصري المنصوب لالتقاط عبور العابرين!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كلهم عبروا إلا واحداً كلهم عبروا إلا واحداً



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 16:12 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خليفة و بن راشد وبن زايد يهنئون رئيس بنما بذكرى الاستقلال

GMT 13:59 2015 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

تصاميم على شكل الماس لحقائب "إن إس باي نوف"

GMT 10:32 2016 الجمعة ,04 آذار/ مارس

لوني شتاءك بأجمل موديلات الأحذية الـ Pumps

GMT 01:32 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عيش الرفاهية في فنادق ومنتجعات الجميرا الفخمة

GMT 01:28 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

«بنتلي» تفوز بلقب الشركة الأكثر تقديرًا في بريطانيا

GMT 23:18 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

الزمالك يهزم بتروجيت في دوري كرة الطائرة المصري

GMT 19:14 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على خطوات رئيسية لترتيب خزانة ملابسكِ الخاصة

GMT 11:52 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

6 أفكار أنيقة مميزة لزينة حفلات الزفاف

GMT 07:51 2013 السبت ,27 تموز / يوليو

جمال كامل فرحان يصدر رواية "كان ردائي أزرق"

GMT 04:48 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

رواية "الجنية" تمزج الواقع بالخيال بشكل واقعي

GMT 19:29 2013 الأربعاء ,22 أيار / مايو

خيبة المثقف في"طائف الأنس" لعبدالعزيز الصقعبي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates