بقلم : ناصر الظاهري
هل رأيتم من مهزلات عصرنا الجديد، كيف يرمي بَعضُنَا المتأسلم المستدين المتحزبن جثث علمائنا ومفكرينا والمخالفين معنا في الرأي والفكر بحجر المعصية والكفر، ولو قدروا لأمروا بإحراق جثثهم على الطريقة الهمجية وليست الهندوسية التي تكن احتراماً مقدساً للجسد؟ هل رأيتم كيف أزبد«غنيم» وتشدق وأعلن على الطريقة «الإخوانية» تكفير العالم المسلم والعربي والمصري والأميركي الجنسية «زويل» وجواز لعنه، وعدم دفنه في مقابر المسلمين، وجاهر بفتوى عدم الصلاة عليه، ويزايد على الناس والدين أن ما تشدق وتفقه به هو من أصول الإسلام والقرآن والسنة المطهرة، وعلته في ذلك أنه ساعد«أهل الكفر والنفاق» وهم في عرف الإسلام «أهل كتاب» وتمكينهم في الغلبة على المسلمين، بعلمه ومعرفته؟ ومن يسمع أو يستمع لغنيم يقول إن المسلمين يتسابقون في علم الفضاء وغزو السماء، ولا يدرك أنهم يقاتلون بعضهم بعضاً على المذهب وعلى الخلاف والاختلاف، وأن «زويل» عابد صنم وحجر، وهو من أوصى بغسله بماء النيل، لإنه وطني مصري، وأن يدفن في أرض الكنانة، لأنه عربي، ما أشد فواجعنا في أمتنا التي خرج البعض من وسطيتها واعتدالها وسماحتها إلى تطرفها وجهلها وتوحشها، بين «زويل» و«غنيم» هو الفرق بين التفكير الحضاري المتقدم والعطاء الإنساني وبين الهمجية العصرية، وانغلاق الفكر والمنطق والعقل!
ولا يستبعد أن يظهر مناد بيننا من يجيز حرق علم «زويل» وكتبه، ويعده من المهرطقين والزنادقة، ولو عرف عنه قول «لا إله إلا الله»، وأن تظهر من بيننا جماعة «التفتيش» الجديد التي تعامل الناس إما معنا أو ضدنا، والانصهار التام في عقلية القطيع التي كانت تقودها في أوروبا قديماً بعض الكنائس «الدينية»، ويقودها اليوم بعض المساجد الإسلاموية، ولا فرق بين من اضطهد العرب والمسلمين في غابر العصور، ويضطهدونهم اليوم في وقتنا، ومن جلدتنا وديننا وعرقنا، فالفكر الجامد، هو الفكر، والهدم، هو الهدم، في ظل انحسار التفكير المتنور، والاجتهاد المخلص، والناس الشرفاء، تاركين الساحة خالية لكل الجهلاء أن يسيروا أمور الحياة بالتحايل الديني، والمؤسسات «الثيوقراطية» التي تنشد سوس البلاد، وقيادة العباد، والسيطرة على مقدراتهم وأمور حياتهم الدنيوية!
وفي ظل تقهقر المؤسسات الوطنية والحكومات القوية التي تركن هذه الظواهر الشاذة أن تكبر في ظلها وعهدها، من دون أي ملاحقة من أجل إنقاذ الأوطان والناس الذين يسعون لإسعاد أنفسهم وتطور أوطانهم والعيش بسلام مع العالم.
لا ندري على من نترحم؟ غير على حالنا وأحوالنا، وعلى إسلامنا!