رعب الكاميرا 1

رعب الكاميرا (1)

رعب الكاميرا (1)

 صوت الإمارات -

رعب الكاميرا 1

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

حينما أرى تلك العبارة بلافتتها الحمراء، والتي ربما ظهرت قبل الحرب العالمية الأولى أو أيام «سفر بارلك» أو مع بداية الحرب الباردة، حينما كانت الكاميرا تشكل آلة رعب، تصيبني حالة من الدهشة، فعبارة «ممنوع الاقتراب والتصوير» ظلت لها هيبة في النفوس، فتجنبها الناس البسطاء، وحذروا من المرور بقربها، اليوم طالها الصدأ، واعتلاها غبار الوقت في ظل سماء مفتوحة على كل شيء، وأقمار اصطناعية تراقب عن بعد، وقادرة على التسلل من شقوق النافذة أو مراوح شفط الهواء في حمامات المنازل أو برامج حساسة مندسة في هواتفنا، ويمكنها نقل وتحديد أي شيء. اليوم.. ما عادت طريقة الاتحاد السوفييتي المتصدع والمنهار في التجسس تنفع، ولا طريقة أميركا أيام «كنيدي» في التنصت تجدي، ولا وسائل بريطانيا وفرنسا الاستعماريتين، على طريقة «جيمس بوند» والمفتش «طاهر»، هي الطريقة المثلى في جلب المعلومة السرية أو بناء الخطط الهجومية على ما يتوافر من صيد كاميرا مخبر بذلك المعطف الوبري والقبعة السوداء، وحدها بلدان الأنظمة القديمة ظلت متمسكة بتلك اللافتة وتحذيرها الذي لم يتغير مع الوقت.
أكتب عمود اليوم وأنا في المكان نفسه الذي زرته قبل أربعين سنة تقريباً، كنيسة «نوتردام دأفريق» في العاصمة الجزائر، يومها كنت أحمل كاميرا بعدسة كبيرة مقربة، مع عدتها الكاملة من عدسات إضافية ومصفيات، وواقية شمس لعدسة الكاميرا، يومها كان للكاميرا رهبة عجيبة، خاصة في البلدان التي في العموم تتبع المدرسة الشرقية أو لها ارتباطات باشتراكية الاتحاد السوفييتي وجمهوريات أوروبا الشرقية، ولعلها من توارد الخواطر، وتذكر الأحداث القديمة من خلال زيارة أماكن بنفسها حدث لك فيها أمر استوقفك، مثلما حدث عند تلك الكنيسة الساكنة في أعلى ربوة.
كان منظر الإنسان الغريب في بلدان التوجس الأمني، يثير أسئلة، ويغري بالاتهام، وصيداً سهلاً لتحميله تهماً جاهزة، خاصة إذا ما كانت الكاميرا في يده، ويلبس نظارة شمسية سوداء، كان منظره مثل منظر العملة الصعبة، كلاهما يحمل لأبناء الوطن تهمة التخابر مع جهات أجنبية، ومن زار دول أوروبا الشرقية وكوريا الشمالية وكوبا وسوريا والعراق وعدن في ذلك الوقت، سيدرك معنى أن يتبعك ظل رجل شبه متخفٍ في معطف رملي، وفي يده جريدة ليست بتاريخ اليوم، وكثير التلفت والتصدد، وربما يسلمك لمراقب آخر إذا ما تخطيت حدود مساحته، وإذا ما كنت ضمن وفد رسمي، فعليك الانتباه لضحكات السائق، وتبسم المرافق، ودلع مترجمة الوفد، ولطف أشخاص تراهم حول مضيفك، ولا يمكن أن تحدد طبيعة عملهم بالذات.. وغداً نكمل..

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رعب الكاميرا 1 رعب الكاميرا 1



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:17 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك ظروف جيدة خلال هذا الشهر

GMT 18:02 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

برابوس تكشف عن "مرسيدس E63 AMG" بقوة 789 حصان

GMT 00:59 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حبوب البن تقي الجسم من أمراض كثيرة

GMT 15:06 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

طُرق بسيطة بشأن تحويل حديقة صغيرة إلى أخرى مُميَّزة

GMT 09:16 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

مطاعم مراكش بديكوراتها الجديدة تستضيف العام الجديد 2016

GMT 10:48 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حاكم الشارقة يفتتح أعمال "الاتحاد العربي للنقل الجوي"

GMT 08:22 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

لاعبة ترفض الوقوف حدادا على مارادونا بسبب "أفعاله"

GMT 18:44 2020 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

مصر.. اقتراح قانون في البرلمان لتجريم زواج القاصرات

GMT 14:04 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الرئيس الجزائري يُقيل رئيس "سوناطراك"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates