الحب وحده تتعطر به الحياة

الحب وحده تتعطر به الحياة

الحب وحده تتعطر به الحياة

 صوت الإمارات -

الحب وحده تتعطر به الحياة

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

من جماليات اللغة العربية وأسرارها الخفية، كيف يقلب حرف فيها الموازين، ويجمع الأضداد في محاسن القول، ويجمع الشتيتين بعد أن يظنا أن لا تلاقيا، تنسحب بهدوء بعض من تلك الحروف، كما يفعل حرف الراء مثلاً في تشكيلة كلمة الحرب، تاركاً وراءه بعد كل الويلات والدمار الحب، ذلك المسكن الأبدي للأوجاع والآلام، حرف الراء هذا هو الفاصل بين الحرب والحب، وهو الجاعل من الحب نسيجاً يتشابك فيه الورد والكلمات الساحرة، وحميمية أن تبصر الحياة بخيوط من الأمل والتفاؤل، ثمة حقيقة حاضرة، لا غائبة أنه لو لم يكن هناك الحب في الحياة، لاخترعه الإنسان، لأنه الشيء الوحيد الذي يعيد له توازنه، ويجعل من ثوابته في الحياة مثل الرواسي الثقال، يجعله يرى الأحلام ملونة، ويشعر بدفء العلاقة مع الأشياء والأمكنة، ويطوي جناحي الانقضاض على الآخر، متخذاً إليه طريقاً معشباً.
كان يمكن أن يكون الرجل في وحدته، وتعامله الفحولي مع الأمور والأشياء أن يكون ضجراً أكثر من ذئب أمعط، غير أن المرأة حين جاءت وتجلت له، جلبت معها شيئاً من العطر، وشيئاً من الحنان، وشيئاً من النعومة، وأشياء كثيرة من الفرح، فأثثت حياته الخشنة، وجعلته يستطعم الأشياء برقي، بعيداً عن مفردات الكهف والأدغال الرطبة، السر هو الأنثى، والحياة الجميلة هي المرأة، لكنها رغم كل تلك الأشياء، ورغم كل الحب الذي تغدقه في شهر فبراير عيداً للحب، إلا أن شهر مارس، هو شهر الحرب، والحرب إن لم تكن في غالبها بسبب امرأة أو حقد امرأة، فهي من أجل امرأة، هكذا يتلبس التاريخ الأشياء، كان الرجال يذهبون للحرب، فيما النساء تخيط الأكفان، وثياب الحداد.
لأنه يوم الحب، وهو يوم اخترعه الناس بعد الحرب، ومن أجل أن يحفظوا الأرواح، ويصينوا الدماء، ويغمدوا السيوف، ويقولوا بدلاً من البغض الشعر.
لأنه يوم الحب، يوم تكون فيه الموسيقى دافئة تشعر بها الأطراف، ويمكن أن يكون معها مطر، يوم تزهر زنابق بيضاء في الحديقة، وورود حمراء في الأيادي، وعتب بدمع صاف في العيون، هي مراسيل للسعادة والفرح الملون في هذا اليوم.
لأنه يوم الحب، تتقاطر على القلب مرافئ، ومدن، وحكايات لصيقة بزرقة الليل، وذاك الضوء الشفيف، ثلوج، ومطر على النوافذ، وأغاني تأتي بها الريح، وبقايا أشياء مؤطرة ومعطرة، ذهبت أيام العمر برقصها إلى الأمام، وذهبت كل تلك الأشياء، وبقي الحب الذي يسقي القلب المخضرّ دوماً.. وأبداً.
لأنه يوم الحب، يوم من تسامح، لذا لا نتذكر كثيراً فيه من قدم لنا إساءة، فهو لم ينس، ونسينا، ولا من قدمنا له معروفاً فنسي، ونحن من قبله نسينا، غير متذكرين إلا الحب، وما يمكن أن يصنعه في النفوس من رضا.
- في مثل هذا اليوم، لا لزوم لحرف الراء في كلمة الحرب.. وحده الحب الذي يحيا به الإنسان، وتتعطر به الحياة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحب وحده تتعطر به الحياة الحب وحده تتعطر به الحياة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 03:31 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
 صوت الإمارات - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 03:47 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
 صوت الإمارات - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:34 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تتهرب من تحمل المسؤولية

GMT 15:30 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

إعصار الهند وسريلانكا يحصد مزيداً من القتلى

GMT 18:33 2018 السبت ,17 شباط / فبراير

"شقة عم نجيب" تُعيد هبة توفيق إلى خشبة المسرح

GMT 10:31 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

فورد F-150 تحصل على محرك ديزل لأول مرة

GMT 05:57 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

أحمد خالد أمين يوضح أن هنادي مهنا أول مولودة له كمخرج

GMT 06:17 2013 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

صدور رواية "دروب الفقدان"للقاص عبد الله صخي

GMT 14:11 2013 الثلاثاء ,26 شباط / فبراير

" ميّال" رواية جديدة للروائي السعودي عبدالله ثابت

GMT 20:20 2014 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

صدور كتاب "الأمير عبدالله بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود"

GMT 21:49 2013 الأربعاء ,15 أيار / مايو

ورزازات عاصمة السينما وهوليود المغرب

GMT 21:45 2014 الجمعة ,24 تشرين الأول / أكتوبر

"جاليري" المرخية ينظم معرضًا فنيًا الثلاثاء في "كتارا"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates