تذكرة وحقيبة سفر 1

تذكرة.. وحقيبة سفر (1)

تذكرة.. وحقيبة سفر (1)

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 1

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري


بعض البلدان تشكل لك حالة من الهيبة والتربص ومخاوف تعتمد على صور وهمية من متخيلات مختلفة، لا تدري من أين تسربت لك، فلا تجد جواباً غير أنه الإعلام والسينما بالذات، وتلك الثيمة التي يريد ذاك البلد أن يصدرها أحياناً عنه للشعوب الأخرى، بغية دعم نظرية التفوق والفوقية، وصورة الإنسان «السوبرمان»، أو صورة «الغرب المتوحش»، بحيث يمكن أن يسلب منك حقك لمجرد وجود رغبة عارمة عند الآخر بسلبه، أو حتى يختفي حقك في العيش لمجرد أن الآخر لا يعنيه غير نفسه، وتلك النظرية التي تدعمها «الرأسمالية» في حق البقاء، وسحق الآخر الضعيف، أو من إعلاء الجمع، وذوبان الذات.
لا أدري كم من شخص حمل تلك الأفكار قبل أن يتوجه قبل سنوات تزيد على الأربعين عاماً إلى أرض الأحلام، إلى أميركا البعيدة والكبيرة والمجهولة الطبيعة. شخصياً، أعترف أنني كنت أحمل معي تلك الصور النمطية عن بلدين مهمين قبل أن تطأ قدماي أرضهما، هما الاتحاد السوفييتي بصوره المضللة والباهتة والناقصة عن حقبة الحرب الباردة، وحقبة النظام الشمولي الطاغي، وأن الإنسان يمكن أن يختفي في لمحة عين من أجل أن يحيا النظام ومنظومته والفاسدون فيه، والبلد الثاني أميركا بصور مختلفة ومغايرة عن صور الاتحاد السوفييتي، وكأن هذا الإنسان السائح الذاهب إليهما هو مشروع عميل مزدوج، ويمكن أن يجند للاستفادة منه في لعبة قذرة، خارج توازن القوى التي قد لا يدرك معناها، ولا يعرف محتواها.
تلك النظرة المسبقة، والصور المتوهمة لا تطرأ عادة على الإنسان المتجه إلى أوروبا، حيث شيء من الاستقرار والطمأنينة، وبوادر قيم إنسانية تشكلت بعد خلاصها من تلك الحروب الكونية، والثورات على السلطات المختلفة البالية، وثمة مظاهر ثقافية وفنية راقية، تتصدر المشهد في دولها، لكن الحقيقة التي ستدهش ذلك السائح قبل أكثر من أربعين سنة إلى الاتحاد السوفييتي وأميركا أن هذين البلدين العملاقين بتلك المساحات الجغرافية المذهلة يقدمان نفسيهما في حيز المطارين الرئيسين، ويفتحان كثيراً من أوراقهما لذلك الشخص المتربص والمتوهم، والذي يريد أن يكتشف كل شيء بسرعة، ومرة واحدة. في مطار موسكو ستجد التقدير والضيافة الدافئة والحماية الشخصية، وكأنك على رأس وفد رفيع المستوى، وأن المواطن السوفييتي في الشارع لا ينظر إليك كشخص غريب، وفي مطار نيويورك ستجد البساطة، وروح الفكاهة، وشيئاً من ود الصداقة يهجم عليك، دون أن تطلبه أو تتوقعه، ستجد نفسك حراً، ولا أحد يسأل عنك، وما تصنع، وما تلبس، والناس يهرعون سراعاً إلى وجهاتهم الخاصة التي لا تعرفها من كثرتها. في البلدين ستجد أناساً أغراباً ينتمون إلى جهات العالم الأربع، قد يرطنون، وقد يتكلمون لغة تعرفها، جاؤوا ينشدون المعرفة، واكتشاف الدنيا، ويبددون ذلك الخوف الآتي من الصور النمطية التي تبثها الأشرطة الإعلامية الدعائية، ويكبّرها الإنسان في داخله. وغداً نكمل..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 1 تذكرة وحقيبة سفر 1



GMT 03:30 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 03:11 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 03:10 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 03:08 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 01:24 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 01:32 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

طالبات مواطنات يبتكرن جهازًا للوقاية من الحريق

GMT 05:07 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الفيصلي يقف على أعتاب لقب الدوري الأردني

GMT 08:12 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

اكتشفي أفكار مختلفة لتقديم اللحوم والبيض لطفلكِ الرضيع

GMT 04:05 2017 الثلاثاء ,25 إبريل / نيسان

فريق "العين" يتوّج بطلًا لخماسيات الصالات للصم

GMT 04:55 2020 الثلاثاء ,15 أيلول / سبتمبر

أحمد زاهر وإبنته ضيفا منى الشاذلي في «معكم» الجمعة

GMT 18:24 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مجوهرات "شوبارد"تمنح إطلالاتك لمسة من الفخامة

GMT 05:40 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

هبوط اضطراري لطائرة متوجهة من موسكو إلى دبي

GMT 22:49 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

منزل بريستون شرودر يجمع بين التّحف والحرف اليدوية العالمية

GMT 21:38 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد وخالد بن زايد يحضران أفراح الشامسي والظاهري بالعين

GMT 04:11 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ظهور القرش الحوتى "بهلول" في مرسى علم

GMT 00:56 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

تعرف على فوائد وأضرار الغاز الطبيعي للسيارات

GMT 00:14 2015 الثلاثاء ,03 آذار/ مارس

صيحة الدانتال لمسة جديدة للأحذية في ربيع 2015
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates