الهروب حافياًً نحو الطفولة

الهروب حافياًً نحو الطفولة

الهروب حافياًً نحو الطفولة

 صوت الإمارات -

الهروب حافياًً نحو الطفولة

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

لأننا كبرنا دون أن نلعب بألعاب تكبر مع أعمارنا الطريّة، ولأن وقتنا كان جزؤه من تعب، وجزء من رجولة مبكرة، فرضها الرجال علينا في مغامراتهم باتجاه الصحراء ونواميسها أو باتجاه البحر وأسفاره الطويلة، لذا كانوا يودون من الأولاد، وخاصة أبكارهم منهم، أن يساعدوهم في أعمالهم اليومية أو يحلوا محلهم في الغياب، وأن يسدوا كل الأقفال، ويحرسوا النساء، فوقتهم البعيد كان مفتوحاً على كل الاحتمالات، لذلك غاب عن جيل الخمسين والستين ذلك التمتع بالألعاب الطفولية أو حتى التلذذ بعبور سنواتهم بمهل، خاصة في ظل حظوظ من التعليم والإعلام والمعرفة كانت شبه معدومة.
هذا الجيل ظل يَحنّ إلى أن يكمل تلك الطفولة الغائبة، بألعابها وألوانها الهاربة، إما بمراهقة متأخرة، وإما بتجديد عتبة الدار نحو آفاق وبحور أجنبية بعيدة، وإما باكتشاف عوالم الطفولة مع أولاده وأحفاده في وقت متأخر قليلاً أو كثيراً، فمتعتهم تكون في أوجها حين يرافقونهم في مدن الألعاب والملاهي مثل «ديزني لاند أو ورنر بروس أو سيرك قومي» أو الدخول في حديقة الحيوانات، ومحاولة التودد لها، وملاطفتها، بعكس طفولتنا التي كنا نركض خلفها، ونظل «نعاقطها» بالحصا أو بالعصا، اليوم مهما حاولنا أن نتقارب مع الحيوانات الأليفة في حضرة أطفالنا وأحفادنا، ثمة رهبة من جانب الطرفين، فلا الحيوان مستأمن، ولا نحن أبرياء.
محاولاتنا أن نجرب اليوم لعب الأطفال، ولكن بأعمارنا الكبيرة المصحوبة بخوف لا يعرفه الأطفال في أعمارهم الغضة، يجعل منا أحياناً مشروع ضحكة أو ابتسامة نسرقها منهم، لأننا نجهل أدوات اللعب، ونجهل اللغة المستخدمة، ولا نعرف أن نخفي خوفنا مهما تَجَلّدْنا، فالعمر الجديد، والوزن الثقيل، والعقل الكبير، تجعلنا أحياناً أضحوكة في أفواه الأطفال المتساقطة أسنانهم اللبنية.
ألعابنا زمان حينما كنا مساكين إما «طوّاق» نقصه من وجه «درام» أو ندربح «تاير عريبيا» مهمل، أو نلعب بـ «التيل» أو أم السبع «7 أحجار»، أو نسحب «كَلَنّ» بعجلات مصنوعة من «قواطي صلصل» أو نمتطي جريد النخل كفرس متخيل، اليوم الأطفال يعرفون شخصيات كرتونية، ويتحدثون معها، وتحضر أعياد ميلادهم، وتشاركهم ضحكهم بخفة يدها، وحضورها في مناسباتهم، ويرتدون هم ملابسها وتضحك معهم، وكأنها أقرب صديق لهم في الفصل الدراسي، لذا حين يرونها في أماكنها وبالأجواء التي تعيشها مثل «ديزني لاند» أو «ورنر برذرز» تكون فرحتهم مختلفة، فيقودك الصغار إلى عالمهم، ويظلون يشرحون لك تفاصيل صغيرة، وغير مملة على الأقل بالنسبة لهم، ومدهشة بالنسبة لك أنت الطفل الكبير.
هكذا سعدت بالأمس في زيارة عالم «ورنر بروس» في ياس بصحبة أطفال مشاغبين، ويفهمون أكثر من أعمارهم، لكنهم يستمتعون بطفولتهم وألعابها التي تكبر معهم مع الأيام، محاولين جرّي للهروب حافياً نحو طفولة غائبة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الهروب حافياًً نحو الطفولة الهروب حافياًً نحو الطفولة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 10:18 2016 الخميس ,13 تشرين الأول / أكتوبر

كارينا كابور في إطلالة رشيقة مع أختها أثناء حملها

GMT 15:51 2019 الإثنين ,13 أيار / مايو

حاكم الشارقة يستقبل المهنئين بالشهر الفضيل

GMT 15:56 2018 الجمعة ,27 إبريل / نيسان

"الديكورات الكلاسيكية" تميز منزل تايلور سويفت

GMT 12:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

قيس الشيخ نجيب ينجو وعائلته من الحرائق في سورية

GMT 11:35 2019 الخميس ,09 أيار / مايو

أمل كلوني تدعم زوجها بفستان بـ8.300 دولار
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates