تذكرة وحقيبة سفر 1

تذكرة.. وحقيبة سفر -1

تذكرة.. وحقيبة سفر -1

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 1

بقلم : ناصر الظاهري

من الطرز المعمارية التي لابد للمسافر أن يتوقف أمامها، ولا يفرط في تأملها، وإدراك جمالها، المساجد في المدن المختلفة، قديمها وجديدها، فلكل منها رونقه، وجلال هيبته، ومسك التاريخ الذي تعطر به، وشخصياً تشدني دور العبادة لمختلف الملل والنِحل، وأحرص أن لا أفوتها، ولا تفوتني في مدنها، وخاصة التاريخية منها. أول هذه المساجد الذي فتح قابليتي لأعانق الدهشة، وأسبر فضول النفس حتى منتهاها، وقد كنت أعرفه قبل أن أراه، المسجد الأموي في دمشق، ومسجد مثل هذا لابد وأن تتداعى على خاطرك كل أحداث التاريخ، حلوها ومرها، ساعات الزهو بالانتصارات، وساعات الهزائم والانكسارات، متى كان المسجد حارساً للمدينة والناس ومنهم، ومتى كان عليهم، ومُغيّر قبلته.
ثاني المساجد التاريخية كان جامع الزيتونة في تونس، بعدها إلى مدينة عقبة بن نافع القيروان، ومسجدها التاريخي، والزائر للمدينة الحمراء مراكش سيدهش من مساجدها التاريخية ذات النمط الأندلسي، مثل المسجد الأعظم، وجامع الكتبية، وجامع المنصور، لكن ما ذرفت عيني دمعاً إلا حين دخلت جامع قرطبة، فقد خانتني ركبي، وناخت ركائبي، لا أدري ما الشجن الذي حلّ عليّ حين دخلت ذاك الجامع الفريد، فلا عرفت هل بكيته على ما حلّ به؟ أم بكيت حالنا، وما صار إليه مآلنا، بقيت يوماً بطوله في ذاك المسجد، فقد كانت الأندلس كحاضرة، حاضرة كل ذاك النهار، حتى خشيت على صدر ذاك الصبي من شدة النشيج والوجع التاريخي، ودمعه السخين.
ذكر تلك المساجد كان من ذاكرة أتمنى أن لا تشيخ، وحسب اللقاء الزمني، والمصافحة الأولى، والتكحل بمرآها الأخّاذ.
ثاني الدمع كان حين رؤية الكعبة لأول مرة، كان فجراً مكياً، نزولاً من شعب ابن عامر، كان له هبوب باردة ترعد الجسد، وثَمّ صفاء من نور يتسلل للروح فتطرب، كانت من اللحظات القليلة التي يشعر الإنسان فيها بتلك السعادة الغامرة، ويتمناها لو تدوم كدهر، أما ثالث الدمع فكان في الروضة الشريفة في المسجد النبوي، يومها قلت: اكتفيت، لا أقوى على كل تلك الروحانية والسبحانية المحلقة في فضاءات كونية سابحة، يومها، وبفضل أبي الزهراء، اهتديت لأول خيوط الصوفية الحقّة، تلك التي تعرف القناعة، وتدربك عليها حتى تسمو فوق كل الأشياء، وتتساوى عندك كل الأمور، يكفي أن يكون المرء شريفاً معافى، تلك الصوفية اليوم تتبعني وتتعبني، وربما قادت الشيخ الفاني المتفاني نحو ذاك القطب الأوحد الجميل المتجلي.. وغداً نكمل..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 1 تذكرة وحقيبة سفر 1



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:17 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك ظروف جيدة خلال هذا الشهر

GMT 18:02 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

برابوس تكشف عن "مرسيدس E63 AMG" بقوة 789 حصان

GMT 00:59 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حبوب البن تقي الجسم من أمراض كثيرة

GMT 15:06 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

طُرق بسيطة بشأن تحويل حديقة صغيرة إلى أخرى مُميَّزة

GMT 09:16 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

مطاعم مراكش بديكوراتها الجديدة تستضيف العام الجديد 2016

GMT 10:48 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حاكم الشارقة يفتتح أعمال "الاتحاد العربي للنقل الجوي"

GMT 08:22 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

لاعبة ترفض الوقوف حدادا على مارادونا بسبب "أفعاله"

GMT 18:44 2020 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

مصر.. اقتراح قانون في البرلمان لتجريم زواج القاصرات

GMT 14:04 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الرئيس الجزائري يُقيل رئيس "سوناطراك"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates