بقلم - ناصر الظاهري
- هذا العيد هو الوحيد الذي ينطبق عليه قول المتنبي: «عيد بأية حال عدت يا عيد»، لكن لكي نفرح في زمن الجائحة، علينا أن نتذكر أعيادنا الماضية.
- العيد مرتبط بالفرح عند الإنسان، لأنه يأتي في موعده كل عام، ولا يخلف تاريخه، لذلك كان هذا الجلال المصاحب للعيد، والفرح به، هو موعد لأمنيات يحب الإنسان أن تتحقق بقدوم هذا الآتي بزخرف القدسية، وهالات الأماني، وهو انعكاسات لأفراح طفولية يسحبها الإنسان مع العمر الذي يعدو مثل اندفاعات عربات النار، فلا يتذكر عيد السنة الفائتة، بقدر ما يتذكر أعياد طفولته، والحنين إليها، وكأنها كانت بالأمس فقط، لا تبرح ذاكرته، ولا تفارق شوق القلب.
- الإنسان يخزّن بتحايله، وبخبث العمر، مجموعة أفراح صغيرة ومبعثرة، ليوم يرى الناس فيه، وقد هذّبوا عدوانيتهم، وأجلوا خلافاتهم، وتناسوا أتراحهم، وقلموا شراستهم، وأعلنوا قدوم الفرح، ولو ليوم أو يومين أو ثلاثة، فالعيد من العودة، والكل حين يهنئك بالعيد يتمنى أن يعيده الله عليك كل سنة وحول، وتكون سالماً غانماً.
- كل عام والجميع بخير دائماً.. وبأمان أبداً.. كل عيد والوطن سعيد وجميل، ورئيس دولتنا موفور الصحة، وبالغ السعادة، وأخوانه، وأعضاده في فرح ونعيم، وعسى الله لا يبدل علينا إلا بما فيه الخير كله.
- العيد الجميل إما أن تتذكر طفولة العيد أو العيد في الطفولة.. اليوم لا يعني العيد إلا فرحة الصغار ودهشتهم تجاه الحياة، وتلك المظاهر البسيطة في المدن التي تخرج عن طبيعتها الحازمة باتجاه فوضى جميلة وطارئة، وتلك القرى البعيدة التي تتزين بالبهجة اللامعة، والتي ما زالت مطبوعة بالفطرة وبعادات الأهل الأولين، وبصدق بهجة اللقاء إن جاء بالثوب الجديد والعطر العتيق.
- البعض يهرب من العيد أو العيد يهرب به، تلك الفترة هي راحته القصيرة بعيداً عن كل ضجيج، لكن هاتفه الذي يحاذيه كطفل صغير لا يريد أن يكبر، يفرض عليه فك هذا الحظر، ليبقى محاصراً بالرنين ومهدداً بالرسائل والعتب، على فترة الغياب وإغلاق الهاتف الجوال، من الأصدقاء والمحبين.. الله يبقيهم ذخراً وسنداً لأوقات العوزة.
- هناك عادة جميلة ومتأصلة في مدينة العين، ما زالت حيّة بناسها الحقيقيين، هذه العادة مرتبطة بعيد الأضحى دائماً، وهي طقوس «الشوي»، حيث الجَمْعَة الطيبة في الاحتطاب وطقوس حول النار وأهازيج الرجال حين يتعاونون على شيء ما.. حتماً في يوم من الأيام، ومع انتشار المدارس الخاصة، والحديث بالإنجليزية، ولباس «الكاجوال» ستحل المطاعم الشعبية مكان تنور الحي، وسيكبر الأولاد على عادات أهلهم القديمة، وستتغير طريقة تحضير وخيفة العيد، قد يحضر ورق «الألمنيوم» بلمعته البرّاقة المستفزة، ويغيب الخصف والوخيفة، ونبات الشوع، وورق السمّن، والخلول، وستغيب أهازيج الجَمْعَة الطيبة، فلا يكون لشوي العيد ووخيفته، التي يظل الناس ينتظرونها في صبيحة اليوم الثاني، تلك الفرحة، وتلك الرائحة التي لم تتغير منذ أيام الزمن القديم.