بقلم - ناصر الظاهري
رهاب الحشرات «Entomophopia»، أحياناً يقض مضجعي، ويخرّب عليّ سفرتي، الغريب أن ابنتي الصغيرة الحور يختارها مثلي، دون إخوتها الذين ربما كانوا نائمين معها، لأنها عسل، بيضاء، ومربربة، وخدود، وتستدعي ناموس الحديقة على «هبالتها» الجميلة، وهناك صديقة صحفية لبنانية، لو مرت قطة من آخر الشارع، تجدها تفر، ولا تقدر أن تجلس في مطعم إن تراءت لها قطة فيه، ولو قلنا: «بِس.. بِس» من باب المزاح تجد عينيها فجأة تغيرت، وكنت أغيظها بأن القطة لا أحد يفهم سلوكها، ولا أحد قادر أن يبرر فعلها، حين تقرض عظام صغيرها، وتأكل فلذة كبدها، يومها تتحسس حد التورم، وتراني مثل السنور الهرم.
الخوف من الأماكن العالية قد يسقطك، لأنه كله في رأسك الذي سيبدأ بالدوران والدوخة، فلا يقدر الرهابي على المشي فوق ممر زجاجي، ويخاف أن ينظر إلى تحت، أما الذين يخشون الأماكن الضيقة والأسقف الواطئة، فتجد الواحد لا يستطيع التنفس، ويشعر بالاختناق وكأن أحداً أطبق عليه فجأة، وهناك شخص لو رأى دماً لدجاجة يمكن أن يغمى عليه، وهناك من لديه فزع من الكلاب، فإذا ما رآها، وخاصة ذات اللون الأسود والتي أشبه ما تكون بذئاب عطشى، تجده يتسمر في مكانه، ولا تستطيع قدماه أن تحملاه، وقد يصاب بالبلل بطريقة لاإرادية.
وهناك رهاب من الماء، ورهاب من الضوء، ورهاب من الصوت، ويتساوى معهم من يخاف من البرق والرعد، ومن أسوأ أنواع الرهاب، رهاب عبور الشوارع، لذا تجد هؤلاء يبتعدون عن المدن ويفضلون العيش في القرى، ويشترك معهم أصحاب رهاب الزحمة والحشود والجماهير، وعكسه رهاب الوحدة، ومن أظرف أنواع «الفوبيا»، رهاب المرآة، وهذا المرض يمكن أن يتأقلم معه الرجل، لكن إن كانت المصابة به امرأة، حينها يصبح جحيماً.
أما أغرب أنواع «الفوبيا»، فهو الفزع والرهاب من الحموات، لذا هؤلاء الأشخاص يسايرون الحماة لحين إتمام النكاح، بعدها يتنمرون، لذا يُنَفّس هؤلاء الناس عن مرضهم النفسي، بإسقاط النكات المُرّة على الحموات من جهة الأم أو جهة الأب، ولعل الممثلة الراحلة «ماري منيب» أشهر الممثلات اللاتي قمن بدور الحماة الشريرة، وهناك رهاب ناعم وغريب، لكنه مكلف، وهو رهاب الزهور، حيث تجد الشخص المصاب بهذا المرض يفضل أن يهدي حبيبته سيارة نقل «بيك آب»، ولا يقدم لها وردة أو زهرة.. رهاب.. رهاب أشبه بالإرهاب داخل النفس!