حقيبة وتذكرة سفر 1

حقيبة.. وتذكرة سفر -1-

حقيبة.. وتذكرة سفر -1-

 صوت الإمارات -

حقيبة وتذكرة سفر 1

بقلم : ناصر الظاهري

 على كثرة أسفاري للعراق القديم، لأول مرة أدخله في زمنه الجديد بـ «فيزا» أو سمة دخول كما يطلقون عليها في عاصمتي العروبة دمشق وبغداد، وحدهما من بين العواصم اللتان تقولان للمسافر: ادخل.. وتذكر أنك عربي! والأدهى من ذلك الأمر، أنني دخلت كردستان بـ «فيزا» مختلفة عن «فيزا» العراق، وكأنهما دولتان انفصلتا عن التاريخ، وبقيتا متعلقتين بأهداب الجغرافيا، تذكرت ذلك أثناء سفرة إلى «أربيل» بمعية الشيخ عبدالله بن زايد، وبعد أن أنهينا زيارة بغداد الرماد، وسواتر الإسمنت الخرسانية، وتلك النخيل التي غابت في غبرة التاريخ، والوقت اللزج، مخلفة وراءها حكايات لأناس كان الشرف حاديهم، وكلمة الرجال أمضى من سيوفهم، ودون تدنيس الأوطان أنهار تجري، وعلى رقابهم تمضي، لم يبق لي من بغدادي التي أعرف غير منطقة أشك أنها «خضراء»، لذا لم يجد ذلك الدرويش المحب بعد أن رأى ما رأى من بقايا حاضرة العرب، إلا أن تبيّضّ عيناه من الدمع.

ما إن وصلنا مطار «أربيل» حتى تلقتنا، وتلقفتنا سيارات ذات الدفع الرباعي، سوداء اللون، مظلمة الزجاج، كسيارات شبحية غادية لتشييع أحد أحفاد «دراكولا» الكبير لتابوته الأبدي، وسائقنا الذي لم ننتقه، وظهر لنا في طالع اليوم، كان من الذين يحلقون على «الزيرو» من دون داعي أسباب، ويرتدي بدلة تكاد أن تتفسخ من ضيقها على جثته، فلا تعرف أضيق من البدلة، أم أن للجثة هذا الكم الهائل من الاكتناز؟ ويضع سماعة ملتوية خلف أذنه، ويتكلم من كم قميصه همساً إن احتاج أن يكلم أحداً، ودائماً عيناه لا تستقران على موضع أو شخص بعينه، فالجميع يرتاب فيهم، ولا أعتقد أن يكون خالياً من سلاح منغرس بين الجثة والحزام الجلدي السميك أو منحشر عند سلسلة ظهره، تماماً مثلما يظهر في الأفلام الأميركية، «كان ناقص فقط أن «يهبّونا بضبعنا» حين نهم بالركوب في السيارة، ويسمعونا الجملة الشهيرة دليل الاستعجال، ونفاد الوقت «go..go..gooooo»!

ولأنه موكب تتابع فيه السيارات، تولانا نحن الراكبين في وسط سلسلة من رتل السيارات المارقة، واحد من أولئك الأبطال الكورد، وظل يجلد السيارة بسرعة عالية، ولايترك مسافة قبل الحسافة بينه وبين السيارة التي تليه، وكذلك يفعل السائق الذي خلفنا، ولأنها طريق صعود جبلية ومتعرجة من التي تعرف بها جبال كردستان، فقد بدأنا نتطالع بالعيون، ثم كانت همهمة بيننا، ثم تجرأنا وسألنا: لما كل هذه العجلة والسرعة المتهورة؟ وَ«لَجّ» السائق، فأظهر في البداية صمتاً وتجهماً، ثم خلطها بالعربي والإنجليزي، أن السبب يعود للدواعي الأمنية، وأن كل سيارات الموكب لابد وأن تكون بسرعة عالية ومتساوية، وأي تلكؤ يمكن أن يفسر أمنياً بطريقة خاطئة... وغداً نكمل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حقيبة وتذكرة سفر 1 حقيبة وتذكرة سفر 1



GMT 14:48 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

المنصوري والنيادي عند شغاف النجوم

GMT 14:46 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

كان يراقبهم يكبرون

GMT 14:44 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

كل هذا الحب

GMT 14:43 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

رواية عظيمة لا تعرفها

GMT 21:45 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 20:00 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

مطعم "هاشيكيو" الياباني يغرم كل من لا يُنهي طعامه

GMT 13:11 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

"جيلي الصينية" تكشف مواصفات سيارة كروس "جي إس"

GMT 05:09 2015 الخميس ,05 آذار/ مارس

انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب

GMT 05:58 2015 الثلاثاء ,10 شباط / فبراير

سلسلة "جو وجاك" الكارتونية تطل عبر شاشة "براعم"

GMT 22:28 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

جورجينا رزق تبهر الأنظار في أحدث إطلالاتها النادرة

GMT 21:17 2017 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

حارس نادي الشعب السابق ينتظر عملية زراعة كُلى

GMT 22:33 2013 الأحد ,28 إبريل / نيسان

"إيوان" في ضيافة إذاعة "ستار إف إم"

GMT 13:10 2013 الجمعة ,08 شباط / فبراير

الحرمان يطال 2.3 مليون طفل في بريطانيا

GMT 07:27 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

"إم بي سي" تبدأ عرض"مأمون وشركاه" لعادل إمام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates