لا تؤجلوا الأحلام

لا تؤجلوا الأحلام

لا تؤجلوا الأحلام

 صوت الإمارات -

لا تؤجلوا الأحلام

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

من بين الأيام التي يصعب عليّ كتابة العمود فيها دائماً، عمود اليوم الثاني في السنة الجديدة، يشعرني هذا اليوم أني لا مع السائرين السالكين، ولا مع الآيبين الناكفين، يوم يشبه المركز الثاني في الدوري الإسباني، اللهم أبعد عنه دوماً «ريال مدريد»، يعني يوم رخو، وغير يقظ، والنَّاس عظامهم متبيردة، وأجسادهم مرضرضة، تقول إن الواحد منهم بايت يسوق خشباً من الفرضة أو ينطل في نقا رمل لن ينتهي أبداً، لا أدري أهي أجساد منهكة أم أرواح متعبة؟ أم هو الزمن حين يبطئ بثقله على الإنسان حد الوجع، في مثل هذا اليوم أشعر وكأن الناس تريد أن ترمي أثقال النفس دفعة واحدة ليتخلصوا من تبعات عام فرط بخيراته وعثراته، وكنت أعجب من اللبنانيين، حينما كنّا نقضي أعياد الميلاد، ورأس السنة في بيروت المحبة للحياة، وألوانها الزاهية، أنهم ليلة رأس السنة لا ينامون إلا بعد أن يتناولوا إفطارهم مبكراً، وأقله كعكة بكنافة، ثم يذهبون إلى بيوتهم، وأكون أنا حينها قد نمت مرتين، وصحوت أربع مرات، لقد تيسر لي أن أقضي ليلة رأس السنة في مدن كثيرة من أقصى شرق العالم إلى غربه، وفي كثير من المدن العربية الساهرة حتى الصباح، وفي المدن الأوروبية المتطبعة بعادات العرب وطقوسهم، اليوم بقيت ذكرى من عطر، تحضر كلما عنّت على الرأس، وفي أوقات هي تقترحها، وأنا أشتهيها كما عرفتها.
اليوم الأول في السنة الجديدة، يوحي للإنسان المتيقظ، والناهض من غبشة الله، أنه يتيم، وأن الشوارع تُركت له وحده، ليزداد يتمه عمقاً، مدن كثيرة خالية، فتعجب من هذه البيوت التي تضمهم في جوفها، تعجب من الحوانيت كيف هي مغلقة بذلك السحّاب القصديري الأملح، الخالي من كلمة: «مرحباً»! لا أحد يمر في تلك اللحظة إلا قطط نامت مبكراً، فأكل الجميع عشاءها، لا أحد يحب البكور في اليوم الأول في السنة، ولا طعم شهي للقهوة المعتادة في وقت غير وقتها، ولا أفضل ساعتها من غداء سلطة أو تونة خفيفة من التي يحبها قلبك ظهراً في مدن البحر الأبيض المتوسط، في اليوم الأول من السنة الجديدة ثَمّ شبع يشعرك أنه انتهى بالأمس، وأن الأسود نهشت من وجبتها الملوكية حتى تخمت، وأن وقت العصر ليس أجمل منه، خاصة حين تظل تتأمل قهوتك بجفون ثقيلة، وهي تبرد على مهل، وأنت تتلذذ بوجبة الحلوى غير المقنعة، والتي تميع بكسل.
في اليوم الأول من السنة الجديدة، وبعد اليقظة المتأخرة، يظهر شعور غريب على الإنسان بالندم أو لنقل بالتأسف على شيء جميل قضي أو على وقت مجاني ولطيف عاش ساعاته ولحظاته كما ينبغي، هو شعور أقرب لتأنيب الضمير، رغم صفاء الإنسان، وبعده عن الأذى، ومتعته الحسية المطلقة إلى آخر مدى، لكن تظل النفس اللوّامة تتبع الإنسان، ولو كان يتحمم بماء الأثير أو في لجّة غزير أو يترع من عناقيد العنب، وعبير روائح زهر الليمون، وطعم الرمان وملمس التين والياسمين أو هو ثمل بماء الكوثر والغدير، تلك النفس اللوّامة أو هي المعاتبة والمرفقة بالجسد، الحانية على الروح، هذا الحارس الملائكي للإنسان الذاهب بعفويته نحو جمال الأشياء، ونحو أن يعيش يومه السعيد من جديد، والذي عليه أن لا يؤجل الأحلام، ولو كان ينام على وسادة خالية!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا تؤجلوا الأحلام لا تؤجلوا الأحلام



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 19:45 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

محمد صلاح يؤكد سعادته بفوز فريقه على ساوثهامتون

GMT 12:49 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

اكتشاف 4 مقابر لأطفال في أسوان أحدهم مصاب بشكل خطير

GMT 19:26 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 11:34 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

أحدث إطلالات جيجي حديد في اول ظهور لها في نيويورك

GMT 20:55 2019 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

4 وفيات اثر حادث تصادم على الطريق الصحراوي

GMT 15:33 2018 الأربعاء ,02 أيار / مايو

أنواع فيتامين "الأوميجا" تعمل على تغذية الجسم

GMT 14:42 2013 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

وحيد حامد في ضيافة خيري رمضان في برنامج "ممكن"

GMT 19:05 2014 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

3 تطبيقات مجانية لمراقبة أداء أجهزة "آيفون"

GMT 14:49 2013 السبت ,06 إبريل / نيسان

الإعلام يساهم في تغير المجتمعات نحو الأفضل

GMT 10:43 2013 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة : غسل اليدين يزيد الطالب تفوقاً

GMT 00:49 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

أفضل عطر نسائي للمرأة العاملة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates